ما حكم الوقوف بعرفة للحائض والجنب؟ وهل وقوفهما بعرفة على هذه الحالة صحيحٌ شرعًا؟
لا تُشتَرَط الطهارة لصحة الوقوف بعرفة؛ فإذا وقف الحاجُّ بعرفة وهو جُنُبٌ أو وقفت المرأة وهي حائضٌ فالوقوف صحيحٌ شرعًا، وقد أدركا الحجَّ، ولا شيء عليهما في ذلك ولا حرج.
المحتويات
الحج ركنٌ مِن أركان الإسلام، وفرضٌ على كلِّ مكلَّفٍ مستطيعٍ في العُمر مرةً واحدة؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان.
الوقوف بعرفة هو أعظمُ أركان الحج وأهمُّها؛ فقد فسَّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الحجَّ بأنه الوقوف بعرفة، كما جعل تمامَ الحج الوقوفَ به؛ فعن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ رضي الله عنه قال: شهدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو واقفٌ بعرفة، وأتاه ناسٌ مِن أهل نَجْدٍ، فقالوا: يا رسول الله، كيفَ الحجُّ؟ قال: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» أخرجه أصحاب "السنن" واللفظ لابن ماجه.
وكذا الأُمةُ أجمعَت على كون الوقوف ركنًا في الحج؛ كما قال علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 125، ط. دار الكتب العلمية).
مع كون الوقوف بعرفة أهمَّ أركان الحج وأعظَمَها، إلا أنه لا تُشترط الطهارةُ أو الخُلُوُّ عن النجاسة لصحة الوقوف به، ومِن ذلك: كونُ الحاجِّ جُنُبًا، وكونُ المرأة حائضًا -كما هي مسألتنا-؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حين حاضت في الحج: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» متفقٌ عليه مِن حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.
وأجمَع الفقهاءُ على أنه مَن وقف بعرفات على غير طهارة، أنه مُدرِكٌ للحج ولا شيء عليه؛ كما قال الإمامُ ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 57، ط. دار المسلم).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ وقوفَ الحاجِّ بعرفة جُنُبًا، وكذلك وقوفَ المرأة وهي حائضٌ، صحيحٌ شرعًا، ولا شيء عليهما في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.