هل يجزئ المرور بعرفة بالطائرة عن الوقوف بها؟ فأحدُ الحجاج أُصيبَ يوم عرفة قبل وقوفه بها بوَعْكَةٍ صحيَّةٍ شديدةٍ ومفاجئةٍ، استلزَمَت نَقلَه إلى إحدى الوحدات الطبية المتخصصة، ونظرًا لازدحام الطرقات، تم نَقلُه بإحدى طائرات الإخلاء الطبي، فمَرَّت به فوق أرض عرفة في وقت الوقوف، وكان واعيًا، فهل مروره على عرفة بالطائرة يُجزِئه عن الوقوف بها؟
الوقوفَ بعرفة ركنُ الحج الذي لا يتم إلا به، والأصل فيه مباشرة الحاج لأرض عرفة أو ما اتَّصَل بها مِن مَرْكَبَةٍ ونحوها، فإنْ أَلْجَأَتْهُ الضرورة أو الحاجة التي تُنزل مَنزلتها إلى المرور بهواء عرفة بطائرة الإخلاء الطبي حال كونه واعيًا، وذلك لما أُصيبَ به مِن وَعْكَةٍ صحيَّة شديدة، أجزأه ذلك عن الوقوف بها.
المحتويات
أجمع العُلَماءُ في كلِّ عصرٍ، وبكلِّ مصرٍ، على أنَّ الوقوف بعرفة ركنُ الحجِّ الأعظم، ولا ينوبُ عنه شيءٌ، وأنَّ مَن فاته الوقوفُ بعَرَفة في وقته الذي حدَّده الشرع فقد فاته الحجُّ، وقد نقل هذا الإجماعَ كثيرٌ مِن أهل العلم، منهم الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 57، ط. دار المسلم)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "التمهيد" (10/ 20، ط. أوقاف المغرب)، والإمام ابن رُشْد الحفيد في "بداية المجتهد" (2/ 112، ط. دار الحديث).
مِن الحِكَمِ التي تتجلى في الوقوف بعرفة: أنَّه تشبيهٌ وتذكيرٌ بالوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، واستحضارٌ لحال فَقْر العباد وتواضعهم، واحتياجهم إلى خالقهم جلَّ وعَلَا، كما أنَّ فيه إشعارًا وإعلانًا للمساواة بين جميع الحجيج؛ لقول الله عَزَّ وَجَلَّ في مُحْكَم التنزيل: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]، بعد أن قال: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: 198]، وهو ما يفيد "التفاوت في الفضل بين مطلق الإفاضة، والإفاضة مع الناس وفي جَمعهم الزَّاخر المتدافع؛ ليَشْعُرَ كلُّ مسلم بأنه في منزلةٍ واحدةٍ مع غيره مِن المؤمنين، فيستوي السُّوقَةُ والأمير، والكبير والصغير، والغني والفقير، والحاكم والمحكوم، فتَصْقُل هذه الزحمةُ القدسيةُ قلوبَ المؤمنين، وتُشْعِرهُم بالمساواة أجمعين.
فهذه الجملة عامةٌ في خطابها، تَشمل الحجاجَ أجمعين إلى يوم الدين، فهُم جميعًا مطالبون بأنْ يُفيضوا مع الناس، ومِن حيث يَسِيرُون، لا يَختص أحدٌ بطريقٍ، ولا يُمنع لأحدٍ طريقٌ، ولا يكون لفريقٍ مَسْلَكٌ وللناس مَسْلَكٌ، ولا يُمنع الناسُ حتى يَمُرَّ بعضُ الناس، بل الجميع في المرتفع والمهبط والسَّير والموقف سَوَاءٌ؛ لأنهم في ساحاتِ ربِّ العالمين، الذي يُعطي مَن يشاء ويَمنع مَن يشاء"؛ كما قال العلامة محمد أبو زهرة في "زهرة التفاسير" (2/ 624، ط. دار الفكر العربي).
وهو ما تأكَّد بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته في حجة الوداع: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟»، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ... الحديث. أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
فالكلُّ فقيرٌ، متضرعٌ، متجرِّدٌ مِن زُخرف الدنيا، مقبلٌ على طلب الرحمة والمغفرة من الله عَزَّ وجل، وجميعُهم محلُّ نظره سبحانه وتعالى، ووقوفهم بأرض عرفة سببٌ لمباهاة الله سبحانه وتعالى الملائكةَ بهم، وعِتْقِه لهم مِن النار؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي هريرة رضي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي، جَاؤُونِي شُعْثًا غُبْرًا» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وابن خزيمة وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وُقوف الحاجِّ بأيِّ جزءٍ مِن أجزاء عرفة يجزئه عن الفرض بإجماع الفقهاء؛ كما في "المجموع" للإمام النووي (8/ 105، ط. دار الفكر).
وأصله: ما ورد في السُّنَّة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» أخرجه الأئمة: ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأحمد في "المسند"، وابن ماجه والترمذي في "السنن".
كما اتفق جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أنَّ المرور بعرفة كالوقوف بها في الإجزاء عن فرضِ الوقوف، على تفصيلٍ بينهم فيما يحصل به الاستقرار والاطمئنان، وسواءٌ عَلِمَ بأنه بعرفة أو لم يعرف، نَوَى أو لَم يَنْوِ، نائمًا أو يَقْظَان، خلافًا للمالكية، حيث اشترطوا عِلم الواقف بأنها عرفة، وأن ينوي الوقوف، ولَم يُفرِّق الحنفية بين كونه حال مروره بها مُفِيقًا أو مُغمًى عليه.
قال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 127، ط. دار الكتب العلمية): [أما القَدْر المفروض مِن الوقوف: فهو كَيْنُونَتُهُ بعرفة في ساعةٍ مِن هذا الوقت.. سواءٌ كان عالمًا بها أو جاهلًا، نائمًا أو يقظان، مُفِيقًا أو مُغمًى عليه، وَقَف بها أو مَرَّ، وهو يمشي أو على الدَّابة أو محمولًا؛ لأنه أتى بالقَدْر المفروض، وهو حصولُه كائنًا بها] اهـ.
وقال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 36-37، ط. دار الفكر): [(حضور جزء عرفة) أي: الاستقرار بقَدْر الطمأنينة في أيِّ جزءٍ مِن أجزائها.. (ساعةً) أي: لحظةً.. (ولو مرَّ) أي: كان مارًّا، بشرطَيْن.. إنْ نَوَى الوقوفَ، وعَلِمَ بأنَّ المارَّ عليه هو عرفة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 94): [فإنْ حَصَلَ بعرفة في وقت الوقوف قائمًا، أو قاعدًا، أو مُجتازًا، فقد أَدرَك الحج.. وإن وَقَفَ وهو مُغمًى عليه لم يدرك الحج، وإن وقف وهو نائمٌ فقد أدرك الحج.. وإن وقف وهو لا يعلم أنه عرفة فقد أدرك؛ لأنه وقف بها وهو مكلَّفٌ، فأشبه إذا علم أنها عرفة] اهـ.
وقال العلامة ابن النَّجَّار الحنبلي في "منتهى الإرادات" (2/ 157، ط. مؤسسة الرسالة): [فمَن حَصَلَ -لا مع سُكْرٍ، أو جنونٍ، أو إغماءٍ فيه- بعرفة ولو لحظةً، وهو أهلٌ للحجِّ، ولو مارًّا، أو نائمًا، أو جاهلًا أنها عرفة، صحَّ حجُّه] اهـ.
والأصل في ذلك: حديث عُرْوَة بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي -واللفظ له، وصححه- وابن ماجه والنسائي في "السنن".
وهذا إنما هو في شأن الوقوف على أرض عرفة، أو المرور بها سَيْرًا، أو ركوبًا للدوابِّ، أو ما يوازيها في عصرنا مِن وسائل النقل الحديثة، أما إذا كان مرور الحاجِّ بهواء عرفة، فإنَّ بين الفقهاء في إجزائه عن فرض الوقوف خلافًا، مبناه على كون هواء عرفة كقرارها أو لا.
وقد ذهب جماعةٌ مِن الفقهاء، منهم العلامة شهاب الدين ابن قاسم العَبَّادِي -ونَقَله عن الإمام شمس الدين الرَّمْلِي- إلى أنَّ هواء عرفة تابعٌ لها، ويأخذ حُكمَ أرضها وإن امتد إلى عنان السماء، فيكون المُرورُ بهوائها مُرُورًا بها، بشرط أن يكون مستَقِرًّا في مُرُورِهِ هذا على شيءٍ له جِرْمٌ كظهرِ طائرٍ أو نحوه، لا أن يكون طائرًا بنَفْسه، إذ لا يُجزئُ مُرُورُه حينئذ، فقال في "حاشيته على الغرر البهية" (2/ 294، ط. المطبعة الميمنية): [(قوله: أيُّ جزءٍ خَطَرَ) أي: ولو راكبًا، أو على غصنِ شجرةٍ كائنٍ في هواء عرفات، وإن كان أصْلُ شجرته في الحِلِّ، أو قائمًا في ماء فيها، أو على ظهرِ طائرٍ كنَسْرٍ في هوائها، بخلاف ما كان هو طائرًا في هوائها "م ر"، فتأمَّل قولَه: بخلاف.. إلخ] اهـ. ورَمَز بـ"م ر" إلى الإمام شمس الدين الرَّمْلِي.
ونَصَّ على أنَّ القولَ بصِحَّة وقوف الحاجِّ إذا كان داخل حدود هواء عرفة مُتَّجِهٌ، فقال في "حاشيته على تحفة المحتاج" (4/ 109، ط. المكتبة التجارية): [قوله: (ولا يشترط فيه مُكْثٌ ولا قَصْدٌ.. إلخ) هل يشترط حصوله بأرضها أو بما هو بأرضها مِن نحو دابةٍ أو شجرةٍ بها، حتى لو كان وليًّا فمر عليها في الهواء لَم يَكْفِ، أو لا يشترط ذلك فيكفي ما ذكر؟ (فرع) شجرةٌ أصلُها بعرفة، خرجَت أغصانُها لغيرها، هل يَصح الوقوف على الأغصان كما يَصح الاعتكاف على أغصانِ شجرةٍ خرجَت مِن المسجد الذي أصْلُها فيه؟ فيه نَظَرٌ، ويَتجه عدمُ الصحة، فليُتأمل، ولو انعكس الحال فكان أصل الشجرة خارجًا وأغصانها دَاخِلَهُ، ففيه نَظَرٌ أيضًا، ويَتجه الصحة، فليُتأمل] اهـ.
ووافَقَه العلامةُ نور الدين الشَبرَامَلِّسِي ولَم يَسْتَبْعِدْهُ، فقال في "حاشيته على نهاية المحتاج" (3/ 298، ط. دار الفكر): [يُفرَّق بيْن مَن طار في الهواء حيث لَم يَصِحَّ وقوفُه، وبيْن مَن وقف على الأغصان الداخلة في الحرم فيَصِحُّ بأنه مستَقِرٌّ في نَفْسه على جِرْمٍ في هواء عرفة، فأشْبَهَ الواقفَ في أرضه هذا، ولكن نُقل عن شيخنا العلامة الشَّوْبَرِي في "حواشي التحرير" التسويةُ بينهما في عدم الصحة. أقول: ولو قيل بالصحة في الصورتين؛ تنزيلًا لهوائه مَنزِلة أرضه، لم يَبْعُد] اهـ.
كما نقله العلامة عبد الحميد الشَّرْوَانِي وأيَّدَهُ، فقال في "حاشيته على تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (4/ 109، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أقول: ولو قيل بالصحة في الصورتين؛ تنزيلًا لهوائه منزلة أرضه، لم يَبْعُدْ "ع ش"، وهو وجيهٌ، ويؤيد ما مرَّ عن "سم" عن "الحاشية" مِن صحة الطيران في السعي] اهـ. ورمَز بـ"ع ش" إلى العلامة الشَّبْرَامَلِّسِي، وبـ"سم" إلى العلامة ابن القاسم العَبَّادِي.
وقولُهم بالصِّحَّة والإجزاء منطلقٌ مِن قاعدة "الْهَوَاءُ فِي الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ"، وهي مِن القواعد الفقهية التي نَصَّ عليها غير واحدٍ من الفقهاء؛ كما في "الفروق" للإمام شهاب الدين القَرَافِي (4/ 15، ط. عالم الكتب)، و"القواعد" للإمام المَقَّرِي التِّلْمِسَانِي (ص: 467، ط. دار الأمان)، و"المنثور" للإمام بدر الدين الزَّرْكَشِي (3/ 315، ط. أوقاف الكويت)، و"المبدع في شرح المقنع" لبرهان الدين ابن مُفْلِح (1/ 350، ط. دار الكتب العلمية).
وما ذكروه افتراضًا واستَوْجَهُوا القولَ بصحته وإجزائه عن الفرض، مِن مرور الحاجِّ بعرفة على نحو نسرٍ طائرٍ، أو وقوفه على جذع شجرةٍ أصلُها خارج أرض عرفة، بحيث يكون في هواء عرفة، مع استقراره على حالٍ أَشْبَهَ بالواقف أو الراكب، مِن غير أن يكون طائرًا بنَفْسه، ما ذَكَرُوهُ مُتَحَقِّقٌ في مرور الحاج على عرفة بطائرة الإخلاء الطبي حال كونه واعِيًا، وذلك بسبب ما أصابه من وَعكَةٍ صِحِّيَّةٍ -كما هي مسألتنا-، فيكون مجزئًا في حقه عن الوقوف بعرفة.
فيتحصَّل مما سبق: أنَّ مرورَ الحاج على عرفة بالطائرة صحيحٌ ومجزئٌ عن الوقوف بأرضها، لكن هذا الإجزاء مقيدٌ بكونه غير مُغمًى عليه أو في غيبوبة أو نحو ذلك -كما هو مذهب مَن قال به مِن الفقهاء-، ومقيدٌ كذلك بحال الضرورة أو الحاجة التي تُنزل منزلتها؛ وذلك لأنَّ ترك الوقوف على أرض عرفة يُفقد الحاجَّ تحصيل مَصالح الحج وحِكَمَه التي مِن شأنها شُرعت هذه الأعمال، ويُفرغها عن مضمونها، فإنَّ "مَصَالِحَهُ: تأديبُ النَّفْس بمُفارَقَة الأوطان، وتهذيبُها بالخروج عن المُعتاد مِن المخيط وغيرِه لِتَذَكُّرِ المَعَاد والِاندِراجِ في الأكفان، وتعظيمُ شعائر الله في تلك البِقَاع، وإظهارُ الِانقياد مِن العبد لِمَا لَم يعْلَم حقيقته كرمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف على بقعةٍ خاصةٍ دون سائر البقاع، وهذه مصالح لا تُحصَى ولا تَصْلُح إلا للمباشِرِ، كالصلاة في حِكَمِها ومَصالحها"؛ كما قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي في "الفروق" (2/ 206).
بناءً على ذلك: فإنَّ الوقوفَ بعرفة ركنُ الحج الذي لا يتم إلا به، والأصل فيه مباشرة الحاج لأرض عرفة أو ما اتَّصَل بها مِن مَرْكَبَةٍ ونحوها، فإنْ أَلْجَأَتْهُ الضرورة أو الحاجة التي تُنزل مَنزلتها إلى المرور بهواء عرفة بالطائرة وهو غير مُغمًى عليه أو في غيبوبة أو نحو ذلك، أجزأه ذلك عن الوقوف بها على قول جماعةٍ مِن الفقهاء كما سبق بيانه.
وفي واقعة السؤال: مرور الحاجِّ المذكور فوق عرفة في وقت الوقوف بها على طائرة الإخلاء الطبي حال كونه واعيًا، وذلك لضرورة ما أُصيبَ به مِن وَعْكَةٍ صحيَّة شديدة، صحيحٌ شرعًا، ويجزئه عن فرض الوقوف بأرضها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.