يزعم بعض الناس أن الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين الأموات أو الغائبين كفر؛ فنرجو منكم الرد على هذا الزعم؟
تقرَّر بالأدلة النقلية والعقلية التي لا يوجد معها شك أنَّ الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين؛ حاضرين وغائبين؛ أحياءً ومنتقلين- مشروعة، وهذا ما عليه عمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير، وقد ورد عن الصحابة والتابعين والعلماء في هذا المقام ما لا يُحصر؛ وإنه لا شك في أن الإغاثة تُضاف إلى المستغاث به على جهة التسبّب والكسب لا على جهة الخلق والتأثير، فلا يدور بخلد مسلم أن يُصرف شيءٌ من العبادة لغير الله تعالى إلا على جهة السببية، كما تقرّر أيضًا أن دعوى أن ذلك شرك هو أعظم بدعة ظهرت في الأمة الإسلامية في الأعصر المتأخرة وهي من جنس بدع الخوارج التي يتوسل بها أصحابها إلى تكفير المسلمين والطعن في عقائدهم، على أن تكفير المسلم بذلك لا يستقيم عند العقلاء أصلًا فضلًا عن أن يدل عليه نقل أو شبهة نقل؛ لأنه يلزم من هذه الدعوى الباطلة تكفير السواد الأعظم من المسلمين سلفًا وخلفًا.
المحتويات
دعوى أنَّ الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين الأموات أو الغائبين شرك هي دعوى باطلة؛ تردها الأدلة العقلية والنقلية، ويلزم منها تكفير السواد الأعظم من المسلمين سلفًا وخلفًا، والاستدلال عليها بالآيات الواردة في عبادة غير الله غير سديد؛ لأنه عينُ منهج الخوارج الذي يعمد فيه أصحابه للآيات التي وردت في تكفير المشركين بعبادتهم غير الله فينزلونها على المسلمين في توسلهم بالأنبياء والصالحين واستغاثتهم بهم.
قال العلامة الشوكاني في رسالته "الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد" (ص: 21، ط. دار ابن خزيمة): [ما يورده المانعون من التوسل إلى الله بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: 3]، ونحو قوله تعالى: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18]، ونحو قوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد: 14] ليس بوارد، بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه؛ فإن قولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ مُصرِّحٌ بأنهم عبدوهم لذلك. والمتوسل بالعالم مثلًا لم يعبده، بل عَلِم أنه له مزية عند الله بحمله العلم، فتوسل به لذلك] اهـ.
واستغاثة المسلم أو طلبه المددَ من الأنبياء والأولياء والصالحين هو محمول على السببية لا على التأثير والخلق؛ حملًا لأقوال المسلمين وأفعالهم على السلامة على ما هو الأصل.
والاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين؛ حاضرين وغائبين؛ أحياءً ومنتقلين مشروعة بالأدلة النقلية والعقلية وعمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير.
الاستغاثة: هي طلب الغوث، والمغيث على الحقيقة هو الله، والاستغاثة بالأنبياء والصالحين هي في حقيقتها توسل إلى الله تعالى بالمستغاث به، وهي على ثلاثة أنواع كما قال الإمام التقي السبكي وغيره، فإما أن تكون بمعنى طلب الحاجة من الله تعالى بسؤاله بالمستغاث به، أو بجاهه، أو ببركته، أو تكون بمعنى طلب الدعاء من المستغاث به، أو تكون طلبًا للحاجة من المستغاث به على معنى أن يجعله الله سببًا في حصوله بدعائه.
ولا شك أن مَن استغاث بغير الله على جهة العبادة باعتقاده أن غير الله خالق للغوث أو قادر عليه من دون الله فهو كافر، وهذا الاعتقاد لا يدور بخلد مسلم يستغيث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره من الأنبياء والأولياء.
وإنما تضاف الإغاثة إلى المستغاث به على جهة التسبب والكسب لا على جهة الخلق والتأثير، وإضافة الفعل إلى المتسبِّب فيه صحيحة شرعًا وعقلًا وعرفًا.
قال الإمام المجتهد شيخ الشافعية في زمنه تقي الدين السبكي رحمه الله في "شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام" (ص: 383-385، تحقيق: حسين شكري): [وليس المراد نسبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الخلق والاستقلال بالأفعال، هذا لا يقصده مسلم، فصرفُ الكلام إليه ومنْعُهُ من باب التلبيسِ في الدين، والتشويشِ على عوام الموحدين، وإذْ قد تحررت هذه الأنواع والأحوال في الطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر المعنى، فلا عليك في تسميته "توسلًا"، أو "تشفعًا"، أو "استغاثة"، أو "تَجَوُّهًا" -أي: توسلًا بالجاه-، أو "تَوَجُّهًا"؛ لأن المعنى في جميع ذلك سواء..
وأما الاستغاثة: فهي طلب الغوث، وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده؛ كقوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ [الأنفال: 9]، وتارة يطلب ممَّن يصح إسناده إليه على سبيل الكسب، ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذين القسمين تعدّى الفعل تارة بنفسه، وتارة بحرف الجر، فيصح أن يقال: استغثتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، واسْتغثتُ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى واحد، وهو طلب الغوث منه بالدعاء ونحوه على النوعين السابقين في التوسل من غير فرق، وذلك في حياته وبعد موته، ويقول استغثت الله وأستغيث بالله بمعنى طلب خلق الغوث منه، فالله تعالى مُسْتَغَاثٌ فالغوث منه خَلْقًا وإيجادًا، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم مستغاثٌ والغوث منه تسببًا وكَسْبًا..
وقد تكون الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على وجه آخر، وهو أن يُقال استغثتُ الله بالنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم كما تقول: سألت الله بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيرجع إلى النوع الأول من أنواع التوسل، ويصح قبل وجوده وبعد وجوده، وقد يُحذفُ المفعول به ويقال استغثت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا المعنى.
فصار لفظ الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم له معنيان:
- أحدهما: أن يكون مستغاثًا.
- والثاني: أن يكون مستغاثًا به، والباء للاستعانة.
فقد ظهر جواز إطلاق الاستغاثة والتوسل جميعًا، وهذا أمر لا يُشَكُّ فيه، فإن الاستغاثة في اللغة طلب الغوث وهذا جائزٌ لغةً وشرعًا من كل من يقدر عليه، بأي لفظ عبر عنه كما قالت أم إسماعيل: "أغث إن كان عندك غواث"..
وقد قيل: إن في "البخاري" في حديث الشفاعة يوم القيامة: «فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَآلِهِ وَسَلَّمَ»، وهو حجة في إطلاق لفظ الاستغاثة، ولكن ذلك لا يُحتاج إليه؛ لأن معنى الاستغاثة والسؤال واحد، سواء عُبِّر عنه بهذا اللفظ أم بغيره، والنزاع في ذلك نزاع في الضروريات، وجوازه معلوم شرعًا] اهـ.
وقال الإمام القسطلاني في "المواهب اللدنية" (4/ 593، ط. المكتب الإسلامي): [واعلم أن الاستغاثة هي طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبر بلفظ "الاستغاثة"، أو "التوسل"، أو "التشفع"، أو "التجوُّه"، أو "التوجُّه"؛ لأنهما من الجاه والوجاهة، ومعناه: علو القدر والمنزلة] اهـ.
وذكر نحوَ ذلك الأئمةُ في كتبهم؛ كالعلامة السمهودي في "وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى" صلى الله عليه وآله وسلم (5/ 67، ط. دار الفرقان)، والعلّامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم" (ص: 150، ط. دار جوامع الكلم).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (11/ 441، ط. دار المعرفة) في شرحه لرواية البخاري لحديث الشفاعة «فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»: [وفيه أن الناس يوم القيامة يستصحبون حالهم في الدنيا من التوسل إلى الله في حوائجهم بأنبيائهم] اهـ، وهذا صريح منه بأن الاستغاثة نوع من التوسل.
وقال العلامة الأصولي شمس الدين بن الجزري -فيما نقله عنه الإمام نجم الدين الطوفي الحنبلي في "الإشارات الإلهية في المباحث الأصولية" (3/ 90، ط. المكتبة المكية) مُقرًّا ومُقرِّرًا له-: [وإذا استصرخ الناس في موقف القيامة بالأنبياء ليشفعوا لهم في التخفيف عنهم جاز استصراخهم بهم في غير ذلك المقام] اهـ.
الحق أنه لا يسع مسلمًا أن ينكر الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يليق بجاهه الشريف عند الله تعالى كما أقر بذلك ابن تيمية بنفسه، بل جعل منكرها حينئذ كافرًا أو ضالًّا؛ فقال في "مجموع الفتاوى" (1/ 112، ط. مجمع الملك فهد): [الاستغاثة بمعنى أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما هو اللائق بمنصبه لا ينازع فيها مسلم، ومن نازع في هذا المعنى فهو إما كافر إن أنكر ما يكفر به، وإما مخطئ ضال] اهـ.
ولا يخفى أن أدلة الشريعة المتكاثرة تدل -بما لا يدع مجالًا لمتشكك أو صاحب شبهة على أن استغاثة المسلمين بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والتي لا يدور بخلد مسلم فيها صرف شيء من العبادة لغير الله تعالى هي ممَّا يليق بمنصبه الشريف وجاهه المُنيف صلى الله عليه وآله وسلم عند ربه جل وعلا.
وفيما يلي بيان جواز الاستغاثة ومشروعيتها؛ بالأدلة الشرعية وعمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير:
ومن هذه الأدلة ما يلي:
- حديث الأعمى الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِه لِتُقْضَى لِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ» رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وصححه جمع من الحفاظ، وفي بعض رواياته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «وَإِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فَمِثْلُ ذَلِكَ»، وعند الطبراني وغيره أن راوي الحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه علَّم هذا الدعاء لمن طلب منه التوسط له في حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته، وفي ذلك استغاثة صريحة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
وأما ما قيل مِن أن الأعمى صوَّر صورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلبه وخاطبها وناداها كما يخاطب الإنسان من يتصوره ممن يحبه أو يبغضه وإن لم يكن حاضرًا: فمردود بأنه إذا جاز نداء الصورة جاز نداء الذات من باب أولى؛ لأن الصورة وهمية خيالية والذات محققة، وإذا كان المُدَّعَى أن الطلب من الذات حرامٌ لعدم قدرتها فكيف يجوز الطلب من الصورة مع أنها أشد عجزًا.
- وحديث الخروج إلى المسجد للصلاة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ؛ فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة، وهو حديث صحيح؛ صححه الحافظ البغوي، والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ المنذري، والحافظ الدمياطي، والحافظ العراقي، والحافظ ابن حجر العسقلاني.
والسائلون لله تعالى الذين توسل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بحقهم أعمُّ من أن يكونوا أحياءً أو منتقلين، وهذا يدل على جواز التوسل بالمخلوق سواء أكان حيًّا أو مُتَوَفًّى، كما أن في التوسل بالعمل الصالح (وهو المشي إلى الصلاة) دليلًا آخر على جواز التوسل إلى الله في الدعاء بالمخلوق، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أعظم المخلوقين قدرًا وأعلاهم شأنًا، فالتوسل به أَوْلَى.
- وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عند موت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما، وهو حديث طويل، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَلَقِّنْهَا حُجَّتَهَا وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مَدْخَلَهَا بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي، فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وأبو نعيم في "الحلية"، وغيرهما.
أما الاحتجاج على تحريم الاستغاثة بما رواه الطبراني -كما ذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ عزَّ وَجَلَّ»، فهذا حديث في سنده ابن لهيعة وهو ضعيف، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (5/ 333، ط. دار طيبة): [وهذا الحديث غريب جدًّا] اهـ، مع أن هذا الحديث لو حُمِل على ظاهره للزم منه مخالفة ما هو مُجمَع عليه من جواز الاستغاثة بالحاضر فيما يقدر عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في حياته الدنيا وكان قادرًا على إغاثتهم من هذا المنافق، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالنص على مشروعية الاستغاثة صراحةً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في حديث الشفاعة المشهور في "الصحيحين"، ولفظه عند "البخاري": «إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ».
وقال العلّامة ابن حجر الهيتمي شيخ الشافعية في زمنه في كتابه "الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم" (ص: 151-152، ط. دار جوامع الكلم): [في الخبر ابن لهيعة، والكلام فيه مشهور، وبفرض صحته فهو على حد: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى﴾ [الأنفال: 17]، و«مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ»، أي: أنا وإن استُغِيثَ بي، فالمُستَغاث به في الحقيقة هو الله، وكثيرًا ما تجيء السنة بنحو هذا من بيان حقيقة الأمر، ويجيء القرآن بإضافة الفعل لمُكتسِبه؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ الْجَنَّةَ بعَمَلِه»، مع قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾] اهـ.
ولو صح هذا الحديث لكان حجة على مانعي الاستغاثة بالأموات؛ لأنهم يجيزونها بالأحياء فيما يقدرون عليه، والصواب في ذلك كله أنه لا فرق بين الاستغاثة بالأحياء والأموات؛ فطلبها منهم على جهة السببية جائز إن صحت السببية، أما على جهة العبادة فهو كفر وشرك؛ لا فرق في ذلك بين كون المستغاث به حيًّا أو ميتًا.
يقول الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في "أدب المفتي والمستفتي" (ص: 210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورة على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أن كرامات الأولياء من أمته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عد ولا يحصرها حد، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته] اهـ.
ويقول الإمام المجتهد بقية السلف تقي الدين السبكي في كتابه "شفاء السقام" (ص: 119، ط. دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد): [اعْلَمْ أنه يجوز ويَحسُنُ التوسلُ والاستغاثة والتشفعُ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجوازُ ذلك وحسنُه من الأمور المعلومة لكلِّ ذي دِين، المعروفةِ مِن فعل الأنبياء والمرسلين، وسِيَر السلف الصالحين، والعلماء والعوامِّ من المسلمين، ولم يُنكِر أحدٌ ذلك مِن أهل الأديان، ولا سُمِع به في زمنٍ مِن الأزمان، حتى جاء ابنُ تيمية؛ فتكلَّم في ذلك بكلام يُلَبِّسُ فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يُسبَقْ إليه في سائر الأعصار] اهـ.
ويقول الإمام تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه "دفع شُبَهِ مَن شبَّه وتمرَّد" (ص: 436-437، ط. دار المصطفى): [والمراد أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم واللواذ بقبره مع الاستغاثة به كثير على اختلاف الحاجات، وقد عقد الأئمة لذلك بابًا، وقالوا: إن استغاثةَ مَن لاذ بقبره وشكى إليه فقره وضره توجب كشف ذلك الضر بإذن الله تعالى] اهـ.
ويقول الإمام القسطلاني في "المواهب اللدنية" (3/ 606، ط. التوفيقية): [وأما التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته في البرزخ: فهو أكثر من أن يُحصَى، أو يُدرَك باستقصاء] اهـ.
الآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين والسلف الصالح كثيرة يضيق المقام عن حصرها، وقد حصل ذلك لجماعة من الصحابة وعلماء سلف الأمة من أئمة المحدثين والصوفية والعلماء بالله المحققين، كما قال السمهودي في "وفاء الوفا" وصنف فيها الأئمة كتبًا مفردة، كما صنع الإمام الحافظ المنذري [ت: 656هـ] صاحب "الترغيب والترهيب" في رسالته "زوال الظما في ذكر من استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشدة والعمى"، والإمام أبو عبد الله بن النعمان المراكشي [ت: 683هـ] في كتابه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام"، والعلامة نور الدين الحلبي الشافعي [ت: 1044هـ] في كتابه "بغية ذوي الأحلام بأخبار مَن فُرِّجَ كربُه برؤية المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام"، وغيرهم.
قال العلامة الأصولي شمس الدين الجزري الشافعي [ت: 711هـ] شارح "منهاج البيضاوي" فيما أورده العلامة نجم الدين الطوفي الحنبلي [ت: 716هـ] في كتابه "الإشارات الإلهية" (3/ 91) مقرًّا له وزائدًا عليه: [وقد صنف أبو عبد الله بن النعمان كتابًا سمّاه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام"، واشتهر هذا الكتاب، وأجمع أهل عصره على تلقيه منه بالقبول، وإجماعُ أهلِ كل عصرٍ حجةٌ] اهـ.
ومن ذلك:
- ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن أبي خيثمة -كما في "الإصابة في تمييز الصحابة"، والبيهقي في "دلائل النبوة"، والخليلي في "الإرشاد"، من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار -وكان خازن عمر رضي الله عنه- قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر رضي الله عنه، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك؛ فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، فقال: «ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّكُمْ مُسْتَقِيمُونَ وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكَيْسُ، عَلَيْكَ الْكَيْسُ»، قال: فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر رضي الله عنه وقال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه. وهذا حديث صحيح؛ صححه الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".
- وروى البخاري في "الأدب المفرد"، وابنُ السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة" كلاهما في "باب: ما يقول إذا خَدِرَتْ رجلُه" أن ابن عمر رضي الله عنهما خَدِرَتْ رِجْلُه، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فقال: "يا محمد!"، فقام فمشى.
وقد ساق المصنفون هذا الأثر في الأذكار فيما يقوله مَن خَدِرَتْ رجلُه؛ كالإمام النووي في "الأذكار"، وشيخ القراء ابن الجزري في "الحصن الحصين" ومختصره، وغيرهم. بل إن ابن تيمية نفسه ذكرها في "الكلم الطيب" وعقد لذلك فصلًا في الرِّجْل إذا خَدِرَتْ.
- وذكر الطبري في "تاريخه" في الكلام على أحداث معركة اليمامة: أن خالد بن الوليد رضي الله عنه وقف بين الصفين ودعا للبراز وقال: أنا ابن الوليد العود، أنا ابن عامر وزيد، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه، وجعل لا يبرز له أحد إلا قتله.
- وروى الحاكم في "المستدرك" أن خالد بن الوليد رضي الله عنه فقد قلنسوة له يوم اليرموك فقال: اطلبوها، فلم يجدوها ثم طلبوها فوجدوها وإذا قلنسوة خلقة، فقال خالد: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلق رأسه، وابتدر الناس جوانب شعره، فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالًا وهي معي إلّا رُزِقْت النصر".
- وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "مجابي الدعاء" عن كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة قال: جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد ابن أبجر فجس بطنه فقال: بك داء لا يبرأ، قال: ما هو؟ قال: الدُّبَيْلَة -وهي خرّاج ودمل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا-، قال: فتحول الرجل فقال: الله الله الله ربي لا أشرك به شيئًا، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبيّ الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربّي يرحمني ممّا بي. قال: فجس بطنه فقال: قد بَرِئْتَ؛ ما بك علة.
- وروى الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتاب "الوفا بتعريف فضائل المصطفى" في (باب الاستسقاء بقبره صلى الله عليه وآله وسلم) -وأوردها الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (16/ 401، ط. مؤسسة الرسالة)، وكذلك الحافظ السخاوي في "القول البديع" (ص: 325) على جهة الجزم بها- عن الإمام أبي بكر بن المقرئ قال: كنت أنا والطَّبَراني وأبو الشيخ في حَرَم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكنا على حالة، فأثَّر فينا الجوع، فواصَلْنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرتُ قبرَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقلت: يا رسول الله! الجوعَ، الجوعَ، وانصرفت. فقال لي أبو الشيخ: اجلس؛ فإما أن يكون الرزق أو الموت. قال أبو بكر: فنمت أنا وأبو الشيخ، والطبرانيُّ جالسٌ ينظر في شيء. فحضر بالباب عَلَوِيّ فدقَّ الباب، فإذا معه غلامان مع كل واحد منهما زنبيل كبير فيه شيء كثير. فجلسنا وأكلنا، وظننا أن الباقي يأخذه الغلام، فولّى وترك عندنا الباقي، فلما فرغنا من الطعام قال العلوي: يا قوم، أشكوتم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فأمرني بحمل شيء إليكم.
- ومن المستغيثين بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم: الإمام الحجة أبو الفرج بن أبي حاتم الأنصاري القزويني [ت: 501هـ] فيما ذكره عنه الحافظ الذهبي في "تاريخ الإسلام" (35/ 52، ط. دار الكتاب العربي) في "وفيات سنة إحدى وخمسمائة" قال: [وضاع ابنٌ له قبل وصوله المدينة. قال بعضهم: فرأيناه في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتمرغ في التراب ويتشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في لُقِيِّ ولده والخلق حوله فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد فاعتنقا زمانًا، رواها السمعاني عن أبي بكر بن أبي العباس المروزي أنه حج تلك السنة ورآه يتمرغ في التراب والخلق مجتمعون عليه وهو يقول: يا رسول الله جئتكم من بلد بعيد زائرًا وقد ضاع ابني! لا أرجع حتى ترد علي ولدي، وردد هذا القول، إذ دخل ابنه فصرخ الحاضرون] اهـ.
- وممن استغاثوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الإمام الفقيه شيخ الإسلام أبو العباس ابن الرفعة الأنصاري الشافعي [ت: 710هـ] الذي قال عنه ابن تيمية -فيما ذكره ابن حجر في "الدرر الكامنة" (1/ 337، ط. دائرة المعارف العثمانية بالهند)-: [رَأَيْت شَيخنَا تتقاطر فروع الشَّافِعِيَّة من لحيته] اهـ، ونقل أيضًا عن التقي السبكي أنه قال عنه: [كان أفقه من الروياني صاحب "البحر"] اهـ، وقال الحافظ السيوطي في "حسن المحاضرة" (1/ 320، ط. دار إحياء الكتب العربية): [واحد مصر، وثالث الشيخين؛ الرافعي والنووي: في الاعتماد عليه في الترجيح. قال الإسنوي: كان إمام مصر بل سائر الأمصار، وفقيه عصره في جميع الأقطار، لم يُخرج إقليم مصر بعد ابن الحداد مَنْ يدانيه، ولا يُعلم في الشافعية مطلقا بعد الرافعي من يساويه] اهـ.
يقول الشيخ شمس الدين بن النعمان في كتابه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام" (ص: 45، ط. دار جوامع الكلم): [ولما كانت سنة ثلاث وخمسين وستمائة توقفت زيادة النيل بمصر في شهر مسرى عن عادته، فضج الناس بسبب ذلك، مع ما هم فيه الغلاء في السعر، قال الفقيه المقرئ أبو العباس أحمد بن علي بن الرِّفْعة الأنصاري: فبِتُّ ليلة الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الآخرة الموافق لليلة السادسة من مسرى المتقدم ذكره مهمومًا، فصليت ركعتين؛ وقرأت في الأولى بفاتحة الكتاب وقوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ﴾ [فصلت: 53] إلى آخر السورة، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وقوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: 29] إلى آخر السورة، واستغثت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونمتُ، فرأيت هاتفًا هتف بي وهو يقول: إنه سمع استغاثتك، وإنه يفرج عن العالم بعد ثلاثة أيام في نيل مصر، وكنت أخبرت أن هذه الرواية عند الشيخ أبي المجد الإخميمي خطيب مصر، فسألته عن هذه الرؤيا، فأخبرني أن الفقيه أبا العباس أحمد بن الرفعة المذكور أخبره بالمنام صبيحة يوم الجمعة المتقدم ذكره، وقال الشيخ أبو المجد المذكور: فبعد ثلاثة أيام زاد النيل في ذلك خمسة عشر إصبعًا، ثم استمر في الزيادة حتى بلغ في الزيادة تلك السنة تسعة عشر ذراعًا، وذلك ببركة الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
- ومنهم الإمام الحافظ القسطلاني الشافعي حيث يقول في "المواهب اللدنية" (4/ 595): [ولقد كان حصل لي داء أعياء دواؤُه الأطباءَ، وأقمت به سنين، فاستغثت به صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة بمكة زادها الله شرفًا ومنّ عليَّ بالعَوْدِ إليها في عافية بلا محنة، فبينما أنا نائم إذ جاء رجل معه قرطاس مكتوب فيه: هذا دواء داء أحمد بن القسطلاني من الحضرة الشريفة بعد الإذن الشريف، ثم استيقظت فلم أجد بي شيئًا مما كنت أجده، وحصل الشفاء ببركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ، وذكر قصة أخرى حصلت له في ذلك.
- ومنهم العلامة المؤرخ السمهودي الشافعي؛ حيث ذكر في كتابه "وفاء الوفا" أنه استغاث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد استجاب الله تعالى طلبه، وعقد لذلك فصلًا ساق فيه مجموعة كبيرة من استغاثات السلف والصالحين والعلماء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وما حصل من استجابة الله تعالى لذلك ببركة الاستغاثة والتشفع بحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وآله وسلم.
بهذا كله يتضح أن الاستغاثة والاستمداد من الأنبياء والأولياء والصالحين هي مما قال العلماء بجوازه سلفًا وخلفًا، وأن القول بأن ذلك شرك هو أعظم بدعة ظهرت في الأمة الإسلامية في الأعصر المتأخرة وهي من جنس بدع الخوارج التي يتوسل بها أصحابها إلى تكفير المسلمين والطعن في عقائدهم، على أن تكفير المسلم بذلك لا يستقيم عند العقلاء أصلًا فضلًا عن أن يدل عليه نقل أو شبهة نقل. وممَّا ذُكر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.