ما حكم التطوع بأقل من سبعة أشواط في الطواف بالبيت؟
يجوز شرعًا لمن أراد التطوع بالطواف أن يطوف أيَّ عددٍ شاء من الأشواط، ويستحب له أن يكون العدد وترًا؛ سواء زاد على السبعة أشواطٍ أو نقص عنها، ولا يشترط أن يتم طوافه سبعًا، وإن كان الأوْلى إتمام السبعة خروجًا من خلاف السادة المالكية الذين اشترطوا في صحة الطواف أن يكون سبعة أشواط تامة.
المحتويات
الطواف بالكعبة المشرفة عبادة يثاب عليها المسلم؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب والفريضة، أم فعلها على سبيل الندب والتطوع؛ قال تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
الحكمة من مشروعية التعبد بالطواف: إقامة ذكر الله تعالى؛ فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو دواد في "السنن"، والترمذي في "جامعه" وصحّحه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح الإسناد.
مشروعية التطوع بالطواف ثابتة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المشرفة، والإجماع:
فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158].
قال العلامة البيضاوي في "تفسيره" (1/ 115، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أي: فعل طاعة؛ فرضًا كان أو نفلًا، أو زاد على ما فرض الله عليه من حج أو عمرة، أو طواف أو تطوع بالسعي] اهـ.
وقال العلامة أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط" (2/ 68، ط. دار الفكر): [فيكون المراد: التبرع بأي فعل طاعة كان، وهو قول الحسن، أو بالنفل على واجب الطواف، قاله مجاهد] اهـ.
ومن السنة النبوية المشرفة:
ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه -في قصة فتح مكة- قال: "أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قدم مكةَ.. حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت.." إلى آخر الحديث.
قال الإمام النووي الشافعي في "شرح مسلم" (12/ 129، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه: الابتداء بالطواف في أول دخول مكة؛ سواء كان محرمًا بحج أو عمرة، أو غير محرم، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخلها في هذا اليوم وهو يوم الفتح غير محرم بإجماع المسلمين، وكان على رأسه المغفر، والأحاديث متظاهرة على ذلك والإجماع منعقد عليه] اهـ.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه الترمذي في "جامعه".
وعن الحجاج بن أبي رُقَيَّةَ قال: كنت أطوف بالبيت فإذا أنا بابن عمر رضي الله عنهما، فقال: يا ابن أبي رقية! استكثروا من الطواف؛ فإني سمعت رسول الله صلى عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ حَتَّى تُوجِعَهُ قَدَمَاهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُمَا فِي الْجَنَّةِ» أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذَا الْبَيْتِ فَإِنَّهُ قَدْ هُدِمَ مَرَّتَيْنِ، وَيُرْفَعُ الثَّالِثَةَ» أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط الشيخين، والبزار في "مسنده"، والطبراني في "معجمه الكبير".
وروى نعيم بن حماد في "الفتن"، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث"، والفاكهي والأزرقي في "أخبار مكة"، وغيرهم، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطواف بِهَذَا الْبَيْتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ".
وأما الإجماع:
فقد قال العلامة السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 412، ط. دار الكتب العلمية): [ولم يذهب أحدٌ إلى كراهة تكرار الطواف، بل أجمعوا على استحبابه] اهـ.
لا يشترط عند جماهير الفقهاء أن يكون التطوع بالطواف سبعة أشواط، بل إن المتطوع بالطواف يثاب على أي عدد طافه مِن الأشواط، وهذا هو الوارد عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم، وهو قول عطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وغيرهم من التابعين، وهذا قول الحنفية والشافعية والحنابلة.
فأما الآثار عن السلف الصالح في صحة طواف من تطوع بأقل من سبعة أشواط فهي كثيرة:
فروى الإمام الشافعي في "الأم" عن عطاء بن أبي رباح: "أن ابن عباس رضي الله عنهما كان لا يرى بأسًا أن يفطر الإنسان في صيام التطوع، ويضرب لذلك أمثالًا: رجل طاف سبعًا ولم يوفه فله أجر ما احتسب".
وروى عبد الرزاق في "المصنف" والفاكهي في "أخبار مكة" (1/ 272-273، ط. دار خضر) الآثار عن السلف في صحة ذلك، وبوَّب عليها الإمام الفاكهي بقوله: (ذكر الانصراف مِن الطواف على وتر):
فروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، والفاكهي في "أخبار مكة" -واللفظ له-، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه كان يحب أن ينصرف على وتر من طوافه". زاد عبد الرزاق في "المصنف": ويقول: "إن الله وتر يحب الوتر".
وروى عبد الرزاق عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من طاف بالبيت فبدت له حاجة فلينصرف على وترٍ وليركع ركعتين، ولا يعد لبقية سبعه".
وروى عبد الرزاق عن هشام بن حسان، عن عطاء: في رجل طاف أشواطًا، ثم أقيمت الصلاة أو عرضت له الصلاة فخرج، فقال: "إن كان طوافه تطوعًا فإن كان وترًا فإنه يجزئ عنه، وإن صلى ركعتين وإن شاء كمل طوافه، وإن كان شفعًا أو وترًا ثم صلى، وكان يعجبه أن لا يخرج إلا على وتر من ذلك السبع".
وروى الفاكهي في "أخبار مكة" عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أن عبد الرحمن بن أبي بكر طاف في إمارة عمرو بن سعيد على مكة، فخرج عمرو بن سعيد إلى الصلاة، فقال عبد الرحمن: "أنظرني حتى أنصرف على وتر"، فانصرف على ثلاثة أطواف، ثم لم يعد ذلك السبع.
قال ابن جريج: وأخبرني سليمان الأحول، عن من طاف مع أبي الشعثاء، فقطعت به الصلاة وقد بقي من طوافه شيء فلم يَعُدْ بعدُ لِمَا بَقِيَ، قال: وحسبت أنه انصرف على خمسة أطواف.
قال ابن جريج: وأخبرني كثير بن كثير: أنه طاف مع سعيد بن جبير فقطعت العصر بهما، وقد بقي لهما طوافان، قال: فلم يعد سعيد لهما، وانصرف على خمسة أطواف.
وروى عن مجاهد قال: "كان يُستَحَبُّ أن يُخرج على وتر مِن الطواف".
وروى عن سعيد بن جبير، قال: "طواف سبوعين أحب إلي من سبوع، وأربع أسابيع أو ثلاث أسابيع أحب إلي من سبوعين".
وروى عن عثمان بن الأسود قال: قال لي عبد الله بن صفوان، وأنا وهو نطوف بالبيت وأقيمت الصلاة: "انصرف بنا على وتر؛ فإن ذلك يستحب".
وروى عن ابن جريج، قال عطاء: ثلاثة أسبع أحب إلي من أربعة، ثم أخبرني عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمعه يقول: "إن الله عز وجل وتر يحب الوتر..".
قال ابن جريج: وسمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: "سبعين خير من سبع".
قال ابن جريج: وسمعت عطاء يسأل: ثلاثة أسبع أحب إليك أم أربعة؟ فيقول: "ثلاثة"، فإذا قيل له: فستة؟ قال: "إن شئت استكثرت، أما ثلاثة فأحب إلي من أربعة"، إني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: "إن الله عز وجل يحب الوتر، فإذا استجمر أحدكم فليستجمر وترا، وإذا استنثر أحدكم فليستنثر وترًا، وإذا مضمض فليتمضمض وترًا، في قول من ذلك يقول".
قال ابن جريج: وكان مجاهد يقول: "قول الله عز وجل: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ [الفجر: 3] فإن الله الوتر، والشفع: كل زوج".
قال ابن جريج: وأخبرني عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: "كان ابن عمر رضي الله عنهما يطوف بالليل سبعة أسبع، وبالنهار خمسة أسبع".
قال ابن جريج: وقال عطاء: بعد أن طفت ستة أطواف فطفت طوافًا آخر، ثم قال عطاء: "إن طاف بعض سبعه في الحجر فليطف بالبيت ما طاف بالحجر إن أحصاه".
قال ابن جريج: وقال أبو خلف: كنت في حرس ابن الزبير فطاف ثمانية أطواف، حتى إذا بلغ في الناس عند وسط الحجر قيل له في ذلك، فأتم لتسعة أطواف، وقال: "إنما الطواف وتر".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 484، ط. دار المعرفة): [وروى عبد الرزاق من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "مَن بدت له حاجة وخرج إليها فليخرج على وتر من طوافه، ويركع ركعتين"، ففهم بعضهم منه أنه يجزئ عن ذلك ولا يلزمه الإتمام، ويؤيده ما رواه عبد الرزاق أيضًا عن ابن جريج عن عطاء: "إن كان الطواف تطوعًا وخرج في وتر فإنه يجزئ عنه"، ومن طريق أبي الشعثاء: أنه أقيمت الصلاة وقد طاف خمسة أطواف فلم يتم ما بقي] اهـ.
الاعتداد بأي عدد من الأشواط في التطوع بالطواف وأنه لا يلزم الطائفَ أن يتم طوافه سبعًا هو مذهب جمهور الفقهاء خلافًا للمالكية:
فعند الحنفية: أن أداء أكثر الطواف يقوم مقام الكل، فإذا ترك من الفرض -كطواف الزيارة- ثلاثة أشواط ولم يتمه فطوافه صحيح، وعليه شاةً، وإذا ترك في الواجب -كطواف الوداع- ثلاثة أشواط فطوافه صحيح ويتصدق عن كل شوط تركه بنصف صاعٍ من حنطة؛ لأن الأمر بالطواف مطلق، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار، وثبوت الزيادة بفعله وقوله صلى الله عليه وآله وسلم قد يحمل على تقدير كمال الطواف وليس على اشتراطها ووجوبها:
قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (4/ 43، ط. دار المعرفة): [إذا طاف للزيارة أربعة أشواط يتحلل به من الإحرام عندنا حتى لو جامع بعد ذلك لا يلزمه شيء، بخلاف ما لو طاف ثلاثة أشواط، وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لا يتحلل ما بقي عليه خطوة من شوط] اهـ.
وقال في "المبسوط" أيضًا (4/ 36): [ولو كان طاف أربعة أشواط، ثم وقف بعرفات لم يكن رافضًا للعمرة؛ لأنه قد أدى أكثر الطواف فيكون ذلك كأداء الكل] اهـ.
وقال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 132، ط. دار الكتب العلمية): [وأما مقداره: فالمقدار المفروض منه هو أكثر الأشواط، وهو ثلاثة أشواط، وأكثر الشوط الرابع، فأما الإكمال فواجب، وليس بفرض.. ولنا قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29]، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار، إلا أن الزيادة على المرة الواحدة إلى أكثر الأشواط ثبت بدليل آخر وهو الإجماع، ولا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط؛ ولأنه أتى بأكثر الطواف، والأكثر يقوم مقام الكل] اهـ.
وقال العلامة المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 162، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومن ترك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط فما دونها فعليه شاة.. ومن ترك ثلاثة أشواط من طواف الصدر فعليه الصدقة] اهـ.
أما طواف التطوع فيجزئه عندهم أي عدد من الأشواط ولو لم يأت بأكثر السبع:
قال الإمام محمد بن الحسن في "الحجة على أهل المدينة" (2/ 301، ط. عالم الكتب): [وإن كان الطواف تطوعًا فانتقض وضوؤه وقد طاف ثلاثة أشواط؛ فإنه إن أراد أن يتم طوافه خرج فتوضأ، ثم يستأنف الطواف، وإن لم يرد إتمامه تركه ولم يطف، وكذلك الصلاة النافلة إذا انتقض وضوء الرجل وقد صلى بعضها فإن شاء تركها ولم يجب عليه إتمامها وإن أحب أن يتمها وجب عليه الوضوء ثم ابتدأها] اهـ.
وقال العلامة السرخسي في "المبسوط" (4/ 14): [وتطوف بالبيت كلما بدا لك، وتصلي لكل أسبوع ركعتين فإن الطواف بالبيت مشبه بالصلوات؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَحَلَّ فِيهِ المَنْطِقَ، فَمَن نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَالصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ؛ فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ، وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ»، وكذلك الطواف] اهـ.
وعند الشافعية: يجوز الاقتصارُ على أي عدد من الأشواط في طواف التطوع:
فروى الإمام الشافعي في "الأم" عن عطاء بن أبي رباح: "أن ابن عباس رضي الله عنهما كان لا يرى بأسًا أن يفطر الإنسان في صيام التطوع، ويضرب لذلك أمثالًا: رجل طاف سبعًا ولم يوفه فله أجر ما احتسب".
قال الإمام مجد الدين بن الأثير (ت: 606هـ) في كتابه "الشافي في شرح مسند الشافعي" (3/ 233، ط. مكتبة الرشد): [وفي هذا الحديث من الفقه: جواز الإفطار في صوم التطوع، وجواز الاقتصار على بعض أشواط الطواف، وجواز صلاة ركعة واحدة؛ وأن يكون قد نوى أكثر من ركعة؛ ثم اقتصر على ركعة] اهـ.
وقال الإمام الدميري (ت: 808هـ) في كتابه "النجم الوهاج" (10/ 111، ط. دار المنهاج): [ولو نذر بعض طواف ينبغي أن ينبني على أنه هل يصح التطوع بشوط على حدته، والمنصوص في "الأم": أنه يثاب عليه؛ كما لو صلى ركعة ولم يضف إليها أخرى] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت: 925هـ) في "أسنى المطالب" (1/ 582، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو نذر بعض طواف فينبغي بناؤه على أنه: هل يصح التطوع بشوط منه، وقد نص في "الأم" على أنه يثاب عليه كما لو صلى ركعة ولم يضف إليها أخرى] اهـ.
وصححه العلامة الشهاب الرملي في "حاشيته" عليه.
وعند الحنابلة: أن الطائف يثاب على طواف أي عدد من الأشواط.
قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (5/ 119، ط. مؤسسة الرسالة): [ويتوجه على كل حال أن في طواف شوط أو شوطين أجرًا، وليس من شرطه تمام الأسبوع؛ كالصلاة، ولهذا قال عبد الرزاق: رأيت سفيان يفر من أصحاب الحديث؛ إذا كثروا عليه دخل الطواف فطاف شوطًا أو شوطين، ثم يخرج ويدعهم] اهـ.
أما المالكية: فمذهبهم اشتراط سبعة أطواف لصحة الطواف.
قال الإمام مالك في "الموطأ": [وإذا دخل في الطواف لم يقطعه حتى يتم سبوعه، ولا ينبغي أن يترك شيئًا من هذا إذا دخل فيه حتى يقضيه، إلا من أمر يعرض له] اهـ.
قال الإمام الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 69، ط. مطبعة السعادة): [وهذا كما قال إن أعمال الطاعات التي تقصد لأنفسها ولا تتبعض كالصلاة والحج والصيام والطواف لا ينبغي لمن دخل فيها وتلبس بعملها أن يقطعها، حتى يتم منها أقل ما يكون من جنس تلك العبادة كاملة.. وأقل ما يكون من الطواف عبادة سبعة أشواط مع ما يتبعه وهما الركعتان بعده] اهـ.
بناءً على ذلك: فيجوز شرعًا لمن أراد التطوع بالطواف أن يطوف أيَّ عددٍ شاء من الأشواط، ويستحب له أن يكون العدد وترًا؛ سواء زاد عن السبع أو نقص، ولا يشترط أن يتم طوافه سبعًا، وإن كان الأفضل إتمام السبعة خروجًا من خلاف السادة المالكية الذين اشترطوا في صحة الطواف أن يكون سبعة أشواط.
والله سبحانه وتعالى أعلم.