ما حكم ذبح الحيوان المصاب بالحمى القلاعية؟ حيث انتشر في بعض البلاد الريفية مرض "الحمى القلاعية"، ونَوَدُّ السؤال عما يلي:
أولًا: هل يجوز بيع الحيوانات المصابة بهذا المرض؟ وما حكم من يُخفي هذا المرض عند البيع؟ وما الحكم فيمن اشترى حيوانًا، واكتشف بعد شرائه إصابته بهذا المرض؟
ثانيًا: هل تجزئ الأضحية بالحيوانات المصابة بهذا المرض؟
ثالثًا: ما حكم تهريب الحيوانات المصابة بهذا المرض وإدخالها إلى البلاد بطرق غير مشروعة؟
الاتجار في الحيوانات المصابة بمرض "الحمى القلاعية" لا يجوز شرعًا، وممنوعٌ قانونًا؛ لما يترتب عليه من أضرارٍ تلحق بالثروة الحيوانية ومنتجاتها، ومن أخفى هذا المرض عند البيع فهو آثمٌ شرعًا، والمال الذي تحصل عليه من هذا البيع ممحوق البركة عائدٌ عليه بالخسران، وللمشتري الخيار في ردّ الحيوان بالعيب، مع وجوب إبلاغ الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات الحجر اللازمة، ولا يجوز الأضحية بالحيوان المصاب بهذا المرض.
المحتويات
أولًا: "الحمى القلاعية" بالإنجليزية: (Foot and mouth disease) أي: مرض القدم والفم، وهو مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الحيوانات ذات الظَّلَف المشقوق؛ كالبقر، والغنم، والماعز، أما الإبل فقابليتها لهذه العدوى قليلة.
وتصاب أظلاف الحيوان المصاب وفمه بالبثور، وسرعان ما يفقد الحيوان المصاب الوزن، وينقص إدرار اللبن عنده، وقد يموت بسبب هذا المرض.
ويعتبر هذا المرض من أخطر الأمراض المعدية عند الحيوان؛ لسرعة وسهولة انتقاله، وقد يشكل خطرًا بسيطًا على الإنسان عند تعامله مع هذه الحيوانات المصابة بدون احتراز، كما قد يؤدي إلى الإضرار بالأطفال عند تناول الألبان الناتجة من هذه الحيوانات المصابة إذا لم تكن هذه الألبان معقمة أو مغليَّة.
أما بالنسبة للُّحوم، فتعتبر المخاطر معدومةً في هذا المجال؛ ذلك أن اللحوم المصابة بعد الذبح تفرز حامض "اللاكتيك" الكفيل بقتل فيروس المرض بعد الذبح.
فالخطورة في هذا المرض تتمثل في أمرين:
- أحدهما: طريقة انتقاله؛ حيث إنه من الأمراض المعدية التي تنتقل من الحيوانات المريضة إلى السليمة بطرقٍ عدة؛ حتى إنه ينتقل عن طريق الرياح تحت الظروف الجوية الملائمة.
والآخر -وهو الأهم-: أن أعراض هذا المرض تجعل الحيوان لا يأكل ولا يشرب، مما يتسبَّب له في الهُزال المؤدِّي للنُّفُوق، خاصة عند صغار هذه الحيوانات، كما أنه يصيب حافره بالتهاباتٍ شديدةٍ لدرجةٍ تصل إلى قلع ظُفُر الحيوان المصاب، وهذا هو سبب تسميته بـ"الحمى القلاعية". ينظر: "مرض الحمى القلاعية" أ.د/ أحمد محمد نصار، ود/ مرفت كمال إبراهيم، بحث منشور بـــ "مجلة أسيوط للدراسات البيئية" العدد 30 لسنة 2006م.
إذا تقرر ذلك: فهذا المرض يعتبر من العيوب التي تَجْعَل الحيوان غير مرغوبٍ فيه عند الشراء، وقد جاء في قانون الزراعة رقم (53) لسنة 1966م الخاص بـ"الصحة الحيوانية" في مكافحة أمراض الحيوانات في مادته رقم (129) أنه: [لا يجوز الاتجار في الحيوانات المصابة بالأمراض المعدية أو الوبائية أو المشتبه في إصابتها بها، وحظر نقلها من جهةٍ إلى أخرى] اهـ.
فإن عَلِم المشتري بأن الحيوان الذي اشتراه مصابٌ بهذا المرض فإن له الخيار بين قبول هذا الحيوان ورده، علاوةً على أن البائع إذا لم يُعلِم المشتري بهذا العيب وكتمه عنه فهو آثمٌ شرعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ إِنْ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ أَنْ لَا يُبَيِّنَهُ» رواه أحمد في "المسند"، وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
وجاء في "الصحيحين" عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا -أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا-، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا».
كما أنَّ كتمان العيب غشٌّ، والغشُّ حرامٌ شرعًا؛ لما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
لَمَّا كان رضا المشتري بالسلعة يتوقف على سلامتها من العيب غالبًا؛ لأن غرضه الانتفاع الكامل بالمبيع، ولا يتحقق هذا على الوجه المطلوب إلا بسلامته من العيب، فقد اتفق الفقهاء على أنَّ مِن الجائز في حق المشتري ردَّ السلعة المباعة بالعيب إذا كان هذا العيب مُنقِصًا للقيمة أو مُفَوِّتًا غرضًا صحيحًا، فضلًا عن أن يكون مُفَوِّتًا الغرضَ الأساسيَّ منها؛ فيتضرر المشتري بلزوم ما لا يرضى به.
وحق الرَّد بالعيب ثابتٌ للمشتري ولو لم يشترطه في عقد البيع؛ لِمَا تقرر في السنة النبوية المطهرة من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
ووجه الدلالة: أنَّ الخيارين المذكورين هما الإمساك والرَّد، وذكر الأيام الثلاثة في الحديث ليس على سبيل التأقيت الملزم، بل بناءً على الغالب المعتاد في عرف السوق.
قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 274، ط. دار الكتب العلمية): [وذكر الثلاث في الحديث ليس للتوقيت؛ لأن هذا النوع من الخيار ليس بمؤقتٍ، بل هو بناء الأمر على الغالب المعتاد؛ لأن المشترى إن كان به عيبٌ يقف عليه المشتري في هذه المدة عادةً: فيرضى به فيمسكه، أو لا يرضى به فيرده] اهـ.
اشترط الفقهاء في العيب الذي يُرَدُّ به المبيعُ شروطًا -مع اختلافٍ بينهم في بعض تفاصيلها-؛ منها:
- أن يكون العيب معتبرًا، ويُرجَع في ذلك لأهل الخبرة والعرف.
- أن يكون العيب قد حدث عند البائع لا عند المشتري.
- أن يكون العيب باقيًا بعد التسليم ومستمرًّا حتى الرد.
- ألَّا يَشترط البائعُ البراءةَ من العيب؛ فيقول مثلًا: بعتُ على أني بريءٌ من كل عيب.
- أن يكون المشتري غيرَ عالمٍ بالعيب عند العقد.
- ألَّا يمكن إزالة العيب بلا مشقَّة.
- المبادرة بالرد فور علم المشتري بالعيب.
ينظر: "بدائع الصنائع" (5/ 276، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر خليل للخرشي" (5/ 129، ط. دار الفكر)، و"المجموع شرح المهذب -مع تكملة السبكي-" (12/ 123، ط. دار الفكر)، و"المغني" لابن قدامة (4/ 128، ط. مكتبة القاهرة).
ونَظَّم القانون المصري أحكام الضمان بالعَيب في المادة (447 مدني)؛ حيث نصَّت على ما يلي: [يكون البائع ملزمًا بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسليم الصفات التي كفل للمشتري وجودها فيه، أو إذا كان بالمبيع عيبٌ ينقص من قيمته أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة المستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهرٌ من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أُعِدَّ له، ويضمن البائع هذا العيب ولو لم يكن عالمًا بوجوده. مع ذلك، لا يضمن البائعُ العيوبَ التي كان المشتري يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبيَّنها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلَّا إذا أثبت المشتري أنَّ البائع قد أكد له خلوّ المبيع من هذا العيب، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غِشًّا منه] اهـ.
وعلى ذلك: فمَنْ اشترى حيوانًا مصابًا بمرض "الحمى القلاعية"، واكتشف بعد شرائه إصابتَه بهذا المرض، فله حق الرَّدِّ بالعيب، مع مراعاة الشروط السابق ذِكْرَها.
- ثانيًا: اشترط الفقهاء عدة شروط لصحة الأضحية؛ منها: سلامة الأضحية من العيوب الفاحشة؛ وهي العيوب التي من شأنها أن تُنْقِص الشحم أو اللحم، ومن تلك العيوب ما ذُكِر في حديث البراء، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول: «لا يجوز من الضحايا أربعٌ: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعرجاءُ البَيِّنُ عرجها، والمريضةُ البَيِّنُ مرضُها، والعَجْفَاءُ التي لا تُنْقِي» رواه أحمد والحاكم وغيرهما.
ومعنى "العَجْفَاء التي لا تُنْقِي" أي: الهزيلة التي لا مُخَّ فيها، والنقي: المخ الذي في داخل العظام -ينظر: "مرقاة المفاتيح" للإمام علي القاري (3/ 1085، ط. دار الفكر)-؛ فهزالها يجعلها لا ترعى في المرعى مما يؤثِّر سَلبًا على لحمها، وهذا صادقٌ على الحيوانات المصابة بمرض "الحمى القلاعية"؛ فإنّ مِن أعراض المرض -كما سبق- كون الحيوان لا يأكل ولا يشرب، مما يسبّب له الهزال المؤدِّي إلى النُّفُوق، يضاف إلى ذلك أن الحيوان المصاب بهذا المرض داخلٌ في مسمَّى «المريضة البَيِّن مرضها»؛ وهي التي يظهر مرضها لمن يراها، وهزال الحيوانات المصابة بهذا الداء لا تخطئه العين.
وعلى ذلك: فلا يجوز الأضحية بالحيوانات المصابة بمرض "الحمى القلاعية".
- ثالثًا: تهريب الحيوانات المصابة بداء "الحمى القلاعية" والمشاركة فيه والمساعدة عليه حرامٌ شرعًا، وممنوع قانونًا؛ سواء في ذلك الاستيراد والتصدير، وفاعل ذلك مخالفٌ للشرع من جهتين:
أما الجهة الأولى: فهي أن هذا الفعل قد يؤدي إلى الإضرار بصحة الناس وإن كان هذا الضرر قليلًا، خصوصًا الأشخاص المتعاملين مع هذه الحيوانات المصابة.
كما يؤدي إلى الإضرار باقتصاد الناس ومعاشهم؛ حيث يترتب عليه أضرارٌ فادحةٌ تلحق بالثروة الحيوانية ومنتجاتها، تتمثل هذه الأضرار في نقص أوزان الحيوانات الخاضعة للتسمين، ونقصٍ في إنتاج الحليب يستمر لمدة تزيد على ستة أشهرٍ في الحيوانات المصابة، بالإضافة إلى أنه يساعد في انتشار هذا المرض وتوسعه في البلاد ونفوق الكثير من الحيوانات، وكل هذا يعود بالضرر على البلاد والعباد، ويتناقض مع تكريمِ الإسلامِ الإنسانَ وأمرِه بالمحافظة على النفس والمال.
ومن المقرر شرعًا أنه "لا ضرر ولا ضرار"؛ فيكون تهريب هذه الحيوانات المريضة غير المصرَّح باستيرادها وتداولها من الجهات المعنيّة بذلك -ومنها وزارة الصحة- حرامًا شرعًا؛ لمَا يترتب على ذلك من الإضرار بالناس ومعاشهم، ويكون كل مشترِكٍ في تهريب هذه الحيوانات المصابة -وانتقال المرض تبعًا لذلك- مسؤولًا مسئوليةً شرعيةً وقانونيةً عن كل ضررٍ يحصل جرّاء هذا التعامل؛ سواء في نفسه أو فيما يملك.
وأما الجهة الثانية: فهي مخالفة ولي الأمر المأمور بطاعته في غير معصية الله في نحو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]؛ ذلك أن تصرف الحاكم منوطٌ بالمصلحة، بمعنى أنه يجب عليه توخِّي مصالح المحكومين بما يحقق مقاصد الشرع، وله تدبير الأمور الاجتهادية وَفْقَ المصلحة التي يُتوَصَّلُ إليها بالنظر السليم والبحث والتحري واستشارة أهل الخبرة، وله أن يُحدث من الأقضية بقدر ما يَحْدُثُ مِن النوازل والمستجدات، وتصرفُه حينئذٍ تصرفٌ شرعيٌّ صحيحٌ ينبغي إنفاذُه والعمل به، ولا يصح التحايل للتخلص منه.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 140، ط. دار الكتب العلمية): [طاعة الإمام فيما ليس بمعصيةٍ فرضٌ، فكيف فيما هو طاعة!] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (3/ 63، ط. دار الغرب الإسلامي): [واجبٌ على الرجل طاعة الإمام فيما أَحَبَّ أو كَرِهَ وإن كان غيرَ عَدلٍ، ما لم يأمره بمعصية] اهـ.
كما أن لوليّ الأمر سلطانًا في تقييد شمول بعض الأحكام الشرعية والمعاملات المالية والعقود بين الناس للمصلحة التي تختلف باختلاف الزمان، ويكون أمرُهُ في ذلك واجبَ الطاعة والنفاذ؛ يقول الشيخ مصطفى الزرقا في كتابه "المدخل الفقهي العام" (1/ 215، ط. دار القلم) مؤكدًا على هذا المعنى: [والاجتهاد الإسلامي قد أقرَّ لولي الأمر العام من خليفةٍ أو سواه أن يَحُدَّ من شمول الأحكام الشرعية وتطبيقها، أو يأمر بالعمل بقولٍ ضعيفٍ مرجوحٍ إذا اقتضت المصلحة الزمنية ذلك؛ فيصبح هو الراجح الذي يجب العمل به، وبذلك صرح فقهاؤنا؛ وفقًا لقاعدة: "المصالح المرسلة"، وقاعدة: "تبدل الأحكام بتبدّل الزمان". ونصوص الفقهاء في مختلف الأبواب تفيد أن السلطان إذا أَمَرَ بأمرٍ في موضوعٍ اجتهادي -أي: قابل للاجتهاد فيه غير مصادم للنصوص القطعية في الشريعة- كان أمرُهُ واجبَ الاحترام والتنفيذ شرعًا؛ فلو مَنَعَ بعض العقود لمصلحةٍ طارئةٍ واجبة الرعاية، وقد كانت تلك العقود جائزةً نافذةً شرعًا- فإنها تصبح بمقتضى منعه باطلةً، وموقوفةً؛ على حسب الأمر] اهـ.
وإذا كان هذا الحكم عامًّا؛ فيشمل ما قد لا يترتب عليه ضررٌ بيّن، فما الحال فيما بان ضرره!! بمعنى أنه إذا كان التهريب للسلع التي لا ضرر من استعمالها حرامًا إذا منعه وليّ الأمر، فكيف بالماشية المريضة التي يترتب على تهريبها إلى السوق أضرارٌ فادحةٌ تلحق بالمال والحرث، وقد قال تعالى واصفًا حال المفسدين: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ۞ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ۞ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [البقرة: 204-206].
هذا، وقد نصّ المشرع المصري في القانون الخاص "بالحجر البيطري" رقم (133) لسنة 1966م في الفصل الثاني على أنه: [يحظر دخول الحيوانات المستوردة أو لحومها أو منتجاتها أو متخلفاتها إلا بعد استيفاء إجراءات الحجر البيطري للتحقق من خلوها من الأمراض الوبائية المعدية، ويضبط كل ما يدخل منها بالمخالفة لأحكام هذه المادة بتقرير من الطبيب البيطري المختص، ولوزير الزراعة أن يحظر تصدير الحيوانات ولحومها ومنتجاتها ومتخلفاتها إلى الخارج إلا بعد فحصها والتحقق من خلوها من الأمراض الوبائية المعدية] اهـ.
ونصّ أيضًا في القانون رقم 10 لسنة 1966م الخاص بمراقبة الأغذية وتنظيم تداولها، في المادة الرابعة منه، على اعتبار الأغذية ضارةً بالصحة إذا كانت ملوثةً بميكروباتٍ أو طفيلياتٍ من شأنها إحداث المرض بالإنسان. ونصّ أيضًا في المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة على وجوب أن تكون الأغذية المتداولة محليًّا أو المستوردة أو المعدة للتصدير خاليةً من الميكروبات المرضية، ويجوز لوزير الصحة بقرارٍ منه أن يحدد معايير بكتريولوجية المواد الغذائية، وأنه يجوز بقرار من وزير الصحة حظرُ استيراد ما يثبت خطره على الصحة العامة من أصناف الأغذية أو الأوعية أو العناصر الداخلة في تحضيرها أو المضافة إليها، وكل من يخالف ذلك يتعرض للعقوبة المقررة.
وعَقَدَ قانون الجمارك الصادر برقم (95) لسنة 2005م بابًا كاملًا في تجريم عمليات التهريب، مشدّدًا في المادتين: (121، 122) على ما يخص السلع والبضائع عمومًا -المُعَدّة للغذاء وغيرها-؛ فجاء فيهما ما ملخصه: أن إدخال أيّ نوعٍ من البضائع أو إخراجها من البلاد بطرقٍ غير مشروعة يُعَدُّ تهريبًا يعاقب عليه القانون.
فيتلخص مما سبق: أن الاتجار في الحيوانات المصابة بمرض "الحمى القلاعية" لا يجوز شرعًا، وممنوعٌ قانونًا؛ لما يترتب عليه من أضرارٍ تلحق بالثروة الحيوانية ومنتجاتها، ومن أخفى هذا المرض عند البيع فهو آثمٌ شرعًا، والمال الذي تحصل عليه من هذا البيع ممحوق البركة عائدٌ عليه بالخسران، وللمشتري الخيار في ردّ الحيوان بالعيب، مع وجوب إبلاغ الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات الحجر اللازمة، ولا يجوز الأضحية بالحيوان المصاب بهذا المرض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.