ما حكم طهارة من تيمم ثم وجد الماء قبل الشروع في أداء الصلاة؟
اتفق الفقهاء على أن من تيمم ثم وجد الماءَ الكافي لطهارته وكان قادرًا على استعماله قبل أدائه للصلاة -بطل تيممه، ووجب عليه استعمال الماء لرفع حدثه وأداء الصلاة.
أجمع العلماءُ على مشروعية التيمم بكلِّ ترابٍ طاهرٍ له غبارٌ، للمحدث حدثًا أصغر أو أكبر، كما نقله الإمامُ أبو بكر ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 36، ط. دار المسلم).
وإذا وجد المتيمم الماء الذي يكفيه لطهارته قبل شروعه في الصلاة، وهو قادرٌ على استعماله، وليس في حاجة إليه لطعام أو شراب، ففي هذه الحالة يبطل تيمُّمُه، ويجب عليه استعمال الماء لرفع الحدث قبل الشروع في الصلاة، سواء كان حدثًا أصغر أو أكبر، حتى تصح صلاته؛ لحديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَهُ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند" واللفظ له، وأبو داود والنسائي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وهو ما اتفق عليه فقهاء المذاهب الفقهية الأربعة مِن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [فإن وجده قبل الشروع في الصلاة انتقض تيمُّمُه عند عامة العلماء] اهـ.
وقال الإمام أبو البَرَكَاتِ الدَرْدِيرُ المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 158، ط. دار الفكر) في بيان مبطِلات التيمم: [(و) بطل (بوجود الماء) الكافي أو القدرة على الاستعمال (قبل) الدخول في (الصلاة)] اهـ.
وقال الإمام شرف الدين النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 301، ط. دار الفكر): [إذا تيمم لحدث أصغر أو أكبر ثم رأى ماءً يلزمه استعماله بطل تيممه بلا خلاف عندنا، سواء رآه في أثناء التيمم أو بعد الفراغ منه] اهـ.
وقال الإمام بُرهَانُ الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (1/ 196، ط. دار الكتب العلمية) عند حديثه عن مبطلات التيمم: [(ووجود الماء) المعجوز عنه إجماعًا.. وشرطه: أن يكون مقدورًا على استعماله من غير ضررٍ، كعطش ومَرَض] اهـ.
وبناءً على ما سبق: فمن تيمم ثم وجد الماءَ الكافي لطهارته وكان قادرًا على استعماله قبل أدائه للصلاة -بطل تيممه، ووجب عليه استعمال الماء لرفع حدثه وأداء الصلاة اتفاقًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.