ما كيفية التوبة من الغيبة؟ فقد وقعت عدة مرات في الغيبة ثم ينتابني بعدها شعور بالندم والرغبة في التوبة، فكيف لي أن أتوب من الغيبة، وهل يشترط للتوبة منها التحلل ممَّن اغتبت بإخباره وطلب المسامحة؟
تتحقق التوبة من الغيبة بشروط؛ الندم على ما صدر من غيبة، والإقلاع عنها، والاستغفار من هذا الذنب الجسيم، والإخلاص في التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ منه، مع العزم على عدم الرجوع إليه مرة أخرى، حتى تكون التوبة توبة نصوحًا، كما يلزم الدعاء والاستغفار لِمَن وقعت عليه الغيبة، ومحاولة ذكر محاسنه ومدحه في مواطن غيبته، ولا يلزم التحلل بإعلام مَنْ اغْتِيب؛ كما هو المختار للفتوى؛ لأن إعلامه مما يُدخل الكدر والغم على قلبه، وربما أدى إلى ضرر وعداوة بينهما يترتب عليها شرٌّ أكبر من الغيبة، وهذا مما يناقض مقصود الشارع في تحقق التعاطف والتراحم والمحبة بين الناس؛ إذ اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، فكانت المفسدة في إعلام من اغتيب بالغيبة أعظم من التحلل منها، وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ".
المحتويات
الغيبة شرعًا هي: وصف الشخص وهو غائب عن المجلس بوصفٍ يكرهه إذا سمعه.
قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 535، ط. دار ابن حزم): [الغيبة: هي ذِكرُك الإنسان بما فيه ممَّا يكره؛ سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خَلْقه أو خُلُقه أو ماله أو ولده أو والده أو زوجه أو خادمه أو مملوكه أو عمامته أو ثوبه أو مشيته وحركته وبشاشته وخلاعته وعبوسه وطلاقته أو غير ذلك ممَّا يتعلق به؛ سواء ذكرتَه بلفظك أو كتابك أو رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك أو نحو ذلك] اهـ.
وهي من الذنوب المحرمة التي توافرت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة في الدلالة على حرمتها والتنفير منها؛ ومن ذلك: قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ». قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ، قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» أخرجه مسلم في "الصحيح".
وذكر الإمام القرطبي المالكي أنَّه لا خلاف بين العلماء في تحريم الغيبة، قال في "الجامع لأحكام القرآن" (16/ 337، ط. دار الكتب المصرية): [لا خلاف أنَّ الغيبة من الكبائر، وأنَّ مَن اغتاب أحدًا عليه أن يتوبَ إلى الله عزَّ وجلَّ] اهـ.
من المعلوم شرعًا أن التوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام.
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 238) عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]: [قوله تعالى ﴿وَتُوبُوا﴾: أمر، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين.. والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال] اهـ.
فالتوبة من الذنوب واجبة، على المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عزَّ وجلَّ أن يتفضَّل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار، وإذا تعلَّق الذنب بحقوق العباد فلا بد من التحلل من المظلمة؛ لأن الله تعالى قد يغفر ما كان من الذنوب متعلقًا بحقه، ولا يغفر ما كان متعلقًا بحقوق العباد، إلا إذا تحلَّل الظالم من المظلوم فسامحه.
فمَن كان مِن المسلمين يغتاب الناس فعليه بالتوبة من ذلك، وقد تفضل الله تعالى على عباده بقبول توبتهم والعفو عن سيئاتهم، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف؛ فعن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أخرجه ابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبير".
بخصوص كيفية التوبة من الغيبة، وهي مما اجتمع فيه حق الله وحق العبد؛ أما حق الله: فلكون المغتاب قد فعل ما نهى الله تعالى عنه، وأما حق العبد: فلكون المغتاب قد وقع في محارم العباد.
والتوبة منها تكون بالندم عليها، والإقلاع عنها، والاستغفار من هذا الذنب الجسيم، وكذا الدعاء والاستغفار لمن اغتيب.
أما استحلال المغتاب وطلبه العفو ممن اغتيب؛ فقد اختلف العلماء في لزومه وفق اعتبار وصول الغيبة لمن اغتيب أو عدم ذلك:
فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في رواية أن مَن اغتيب إذا لم يعلم بالغيبة: فلا يلزم المغتاب التحلل منه، بل يكفي الاستغفار له؛ لأن إعلامه مما يدخل الغم والكدر على قلبه، وربما كان سببًا لعدم عفوه وصفحه عن المغتاب، بخلاف ما لو علم بالغيبة: لزم المغتاب التحلل ممن اغتيب.
واسْتُدِل على ذلك بما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» أخرجه البخاري في "الصحيح".
وعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ من كَفَّارَةِ الْغِيبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنِ اغْتَبْتَهُ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَه» أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"، والبيهقي في "الدعوات" واللفظ لهما، والدينوري في "المجالسة"، وله شواهد من عدة طرق.
قال علاء الدين الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (6/ 410، ط. دار الفكر) في أحكام الغيبة: [إذا لم تبلغه يكفيه الندم، وإلا شرط بيان كل ما اغتابه به] اهـ.
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 410، ط. دار الفكر) محشِّيًا عليه: [(قوله وإلا شرط بيان كل ما اغتابه به): أي مع الاستغفار والتوبة، والمراد أن يبين له ذلك ويعتذر إليه ليسمح عنه بأن يبالغ في الثناء عليه والتودد إليه ويلازم ذلك حتى يطيب قلبه، وإن لم يطب قلبه كان اعتذاره وتودده حسنة يقابل بها سيئة الغيبة في الآخرة، وعليه أن يخلص في الاعتذار، وإلا فهو ذنب آخر ويحتمل أن يبقى لخصمه عليه مطالبة في الآخرة، لأنه لو علم أنه غير مخلص لما رضي به] اهـ.
وقال أبو الليث السمرقندي الحنفي في "تنبيه الغافلين" (ص: 166، ط. دار ابن كثير): [قد تكلم الناس في توبة المغتاب، هل تجوز من غير أن يستحل من صاحبه؟ قال بعضهم: يجوز، وقال بعضهم: لا يجوز ما لم يستحل من صاحبه. وهو عندنا على وجهين: إن كان ذلك القول قد بلغ إلى الذي اغتابه؛ فتوبته أن يستحل منه، وإن لم يبلغ: فليستغفر الله تعالى ويضمر أن لا يعود إلى مثله] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (4/ 357، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويستغفر الله) تعالى (من الغيبة) إن لم يعلم صاحبها بها (فإن علم صاحبها) بها (استحل منه لا من وارثه) بعد موته. عبارة الأصل: فإن تعذر استحلاله لموته، أو تعسر لغيبته البعيدة: اسْتَغْفَرَ الله تعالى، ولا اعتبار بتحليل الورثة] اهـ.
وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (6/ 115، ط. دار الكتب العلمية): [(وقيل:) يشترط إعلامه (إن علم به المظلوم، وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه. ذكره الشيخ عن أكثر العلماء)] اهـ.
وقال نجم الدين ابن قدامة الحنبلي [ت: 689هـ] في "مختصر منهاج القاصدين" (ص: 173-174، ط. دار البيان): [وأما كفارة الغيبة، فاعلم أن المغتاب قد جنى جنايتين: إحداهما: على حق الله تعالى، إذ فعل ما نهاه عنه، فكفارة ذلك التوبة والندم. والجناية الثانية: على محارم المخلوق؛ فإن كانت الغيبة قد بلغت الرجل جاء إليه واستحله وأظهر له الندم على فعله. وإن كانت الغيبة لم تبلغ الرجل جعل مكان استحلاله: الاستغفار له؛ لئلا يخبره بما لا يعلمه، فيُوغر صدره، وقد ورد في الحديث: «كَفَّارَةُ مَن اغْتَبتَ أَن تَسْتَغْفِرَ لَهُ»] اهـ.
وذهب المالكية إلى وجوب التحلل ممن اغتيب سواء علم بالغيبة أو لم يعلم، ولو بالبراءة المجهول متعلقها، نحو قول المغتاب للذي اغتيب: قد اغتبتك فاجعلني في حِلٍّ دون أن يبين له ما اغتابه به.
قال شهاب الدين النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 280، ط. دار الفكر): [الغيبة لها جهتان: إحداهما من حيث الإقدام عليها، والأخرى من حيث أذية المغتاب، فالأولى: تنفع فيها التوبة بمجردها، والثانية: لا بد فيها مع التوبة من طلب عفو المغتاب عن صاحبها، ولو بالبراءة المجهول متعلقها عندنا] اهـ.
وذهب الحسن البصري ومجاهد وأبو عبد الله الحناطي من الشافعية والحنابلة في الصحيح عندهم إلى: أنه لا يلزم المغتاب التحلل ممن اغتيب مطلقًا سواء علم أو لم يعلم، بل تكفي التوبة والندم والاستغفار.
قال محيي الدين النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (8/ 221، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الغيبة إذا لم تبلغ المغتاب، فرأيت في "فتاوى الحناطي" أنه يكفيه الندم والاستغفار وإن بلغته] اهـ.
وقال حجة الإسلام الغزالي الشافعي في "إحياء علوم الدين" (3/ 153، ط. دار المعرفة): [اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج به من حق الله سبحانه، ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج من مظلمته.. وقال الحسن: يكفيه الاستغفار دون الاستحلال، وربما استدل في ذلك بما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفَّارَةُ مَن اغْتَبْتَه أَن تَسْتَغْفِرَ لَهُ» وقال مجاهد: كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه وتدعو له بخير] اهـ.
وقال علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (10/ 225، ط. دار إحياء التراث العربي): [لا يشترط لصحة توبة من قذف وغيبته ونحوهما: إعلامه، والتحلل منه على الصحيح من المذهب] اهـ.
وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (6/ 115): [(فصل) (وتجب التوبة) فورًا (من القذف والغيبة وغيرهما) ظاهره ولو من صغيرة، وإن كانت تكفر باجتناب الكبائر؛ لعموم الأدلة (ولا يشترط لصحتها) أي: التوبة (من ذلك) أي: القذف والغيبة ونحوهما (إعلامُه) أي: المقذوف أو المغتاب ونحوه] اهـ.
الذي نختاره للفتوى وعليه العمل: أنه لا يشترط لصحة التوبة من الغيبة تحلل المغتاب ممن اغتيب؛ كما هو مذهب الحسن البصري، ومجاهد، وأبو عبد الله الحناطي من الشافعية والحنابلة في صحيح مذهبهم، واختاره الشيخ ابن تيمية؛ لأن إعلامه مما يدخل الكدر والغم على قلبه، وربما أورث ضررًا وعداوة بينهما تولد شرًّا أكبر من الغيبة، وهذا مما يناقض مقصود الشارع في تحقق التعاطف والتراحم والمحبة بين الناس؛ إذ اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، فكانت المفسدة في إعلام من اغتيب بالغيبة أعظم من التحلل منها، وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للحافظ السيوطي (ص: 87، ط. دار الكتب العلمية).
قال ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 300-301، ط. دار الكتاب العربي): [والقول الآخر: أنه لا يشترط الإعلام بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفي توبته بينه وبين الله، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه، وذكر محاسنه، وقذفه بذكر عفته وإحصانه، ويستغفر له بقدر ما اغتابه، وهذا اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، قدس الله روحه. واحتج أصحاب هذه المقالة بأن إعلامه مفسدة محضة لا تتضمن مصلحة، فإنه لا يزيده إلا أذى وحنقًا وغمًّا، وقد كان مستريًحا قبل سماعه، فإذا سمعه ربما لم يصبر على حمله، وأورثته ضررًا في نفسه أو بدنه، كما قال الشاعر:
فإن الذي يؤذيك منه سماعه ... وإن الذي قالوا وراءك لم يقل
وما كان هكذا فإن الشارع لا يبيحه، فضلًا عن أن يوجبه ويأمر به. قالوا: وربما كان إعلامه به سببًا للعداوة والحرب بينه وبين القائل، فلا يصفو له أبدًا، ويورثه علمُه به عداوةً وبغضاءً مولِّدَةً لِشَرٍّ أكبر من شر الغيبة والقذف، وهذا ضد مقصود الشارع من تأليف القلوب، والتراحم والتعاطف والتحابب] اهـ.
وقال الشيخ البهوتي في "كشاف القناع" (6/ 115): [وقال) الشيخ -يعني: ابن تيمية- (وعلى الصحيح من الروايتين: لا يجب الاعتراف) للمظلوم] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التوبة من الذنوب، ومنها الغيبة تتحقق بشروطها؛ من الندم على ما صدر من غيبة، والإقلاع عنها، والاستغفار من هذا الذنب الجسيم، والإخلاص في التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ منه، مع العزم على عدم الرجوع إليه مرة أخرى، حتى تكون التوبة توبة نصوحًا، كما يلزم الدعاء والاستغفار لِمَن وقعت عليه الغيبة، ومحاولة ذكر محاسنه ومدحه في مواطن غيبته، ولا يلزم التحلل بإعلام مَنْ اغْتِيب؛ كما هو المختار للفتوى؛ لعظم المفسدة في إخباره كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.