ما حكم بيع السلم والبيع بالأجل؟ حيث يوجد تاجر يتعامل مع الناس في البيع والشراء بالأجل، ويأتي إليه أحد الناس يريد أن يبيعَ له محصول الفول أو القمح مثلا قبل حصاده بثمن معيَّن متفق عليه، أو يتفق مع المشتري على ثمن مُعَيَّن لسلعة يرغب شراءها منه ثم يعطيه السلعة ويسدّد ثمنها في الموعد المُتَّفق عليه، فما حكم ذلك شرعًا؟
إنَّ بيع المزارعين محاصيلهم؛ كالفول والقمح مثلًا قبل حصاده بثمن معين يُتَّفق عليه هو المعروف في الفقه الإسلامي ببيع السلم أو السلف، وهو بيع آجل وهو القمح ونحوه بعاجل وهو الثمن، وقد رخَّص الشارع فيه وإن كان المبيع معدومًا عند البائع وقت العقد بنصّ القرآن الكريم في آية المداينة في سورة البقرة وبالسنة الصحيحة؛ لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فقال: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» رواه الجماعة، وانعقد عليه الإجماع.
قال الإمام الكمال بن الهمام في "فتح القدير" (7/ 71، ط. دار الفكر) بيانًا لحكمة مشروعية هذا النوع من البيع لحاجة كل من البائع والمشتري إليه: [فإنَّ المشتري يحتاج إلى الاسترباح لنفقة عياله وهو بالسلم أسهل، إذ لا بدَّ من كون المبيع نازلًا عن القيمة فيربحه المشتري، والبائع قد يكون له حاجة في الحال إلى السلم وقدرة في المآل على المبيع بسهولة فتندفع به حاجته الحالية إلى قدرته المالية فلهذه المصالح شُرِع] اهـ.
والقمح والفول ونحوهما ممَّا يجوز فيه السلم شرعًا، فيجوز للمزارعين أن يتعاقدوا على بيع كمية معلومة من القمح أو الفول بالثمن الذي يقبضونه من التاجر المشتري له في مجلس التعاقد، وعلى أن يسلم المبيع إلى المشتري في الوقت والمكان المعينين للتسليم، ويجب أن يذكر في العقد ما يفيد بيان نوع القمح أو الفول، وصفته، ومقداره، ووقت التسليم ومكانه، والثمن المقبوض، بما يرفع الجهالة ويمنع وقوع النزاع، فمتى توافرت هذه الشروط في هذا البيع المسؤول عنه كان صحيحًا وجائزًا شرعًا.
أما النوع الثاني من التعامل وهو البيع بالأجل وهو بيع السلعة بثمن محدد على أن يكون الثمن مؤجلًا فهذا بيع جائز أيضًا؛ إذ إنه يجوز في البيع شرعًا أن يكون الثمن حالًا أو مؤجلًا لأجل معلوم، وممَّا ذُكِر يُعلَم أن التعاملين المسؤول عنهما جائزان شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.