ما مدى أحقية المطلقة طلاقًا بائنًا في الميراث؟ فالسائلة تقول: طلقني زوجي في 26/ 5/ 2007 طلاقًا غيابيًّا بائنًا، وعلمت بعد ذلك، وأرسل إليّ خلال العدة أشخاصًا يتوسطون لإقناعي بالرجوع إليه، ولكنهم لم يبلغوني أنه أرجعني فعلًا، ولكنّي رفضتُ، وقد ذهب ليرجعني بورقة رسمية، ولكنه لم يفعل وتزوج بأخرى.
وتُوفّي الزوج في 8/ 9 من نفس العام. فهل أَرِثُ في تركته؟ علمًا بأني تقدمت بذلك إلى المحكمة، وهي تريد رأي دار الإفتاء. علمًا بأني لا أحيض.
من المقرر شرعًا أن عدة الآيس من الحيض ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ [الطلاق: 4].
ومن المعلوم شرعًا أيضًا: أنَّ المطلقة البائن تصير بالبينونة صغرى كانت أو كبرى أجنبيةً عن المُطَلّق؛ فلا يكون لها ميراث من جهة الزوجية.
وعليه وفي واقعة السؤال: فلمَّا كان المطلِّق لم يرجع مطلقته رسميًّا، وليس لديها ما يُثبِتُ أنه أَرجَعَها إلى زوجيَّته بعد طلاقه لها، ولمَّا كان سعيُ الوسطاءِ المرسَلين من قِبَلِه إنما هو لمجرد إقناعها بقبول الرجوع لا أنهم جاؤوا مرسَلين بإبلاغها أنه أرجعها إلى عصمته، ولا شاهدين على ذلك، ولما كان اليقين -وهو الطلاق الرجعي- لا يزول بالشك -وهو هنا ثبوت الرجعة-؛ كما هو مقرر في قواعد الفقه، فإنه وبحسب الظاهر يكون الطلاق هو آخر شيء صدر من الزوج، وتكون السائلة قد بانت منه بمرور ثلاثة أشهر قمرية من وقت الطلاق بدون إرجاعه لها بحسب التواريخ المذكورة في السؤال، ويكون قد توفي وهي منه بائن.
وعليه: فلا ميراث لها في تركته.
أمَّا إذا كان الأمر على خلاف ذلك من ثبوت الإشهاد على الرجعة أو الإثبات لها بما تَثبُتُ به قضاءً فالأمر في ذلك من اختصاص القاضي بما خُوِّل له من استشهاد الشهود، واستحضار البينات والقرائن التي تتيح له الحكم بالرجعة من عدمها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.