حكم التوكيل العام عن القصر؟ فقد سئل بإفادة من إحدى المحاكم الشرعية، مضمونها: أن قاصرين كان عليهما وصي، وعزل نفسه من الوصاية ولم يقم بعده وصي عليهما، ولم يثبت رُشدهما، وحُسن تصرفهما شرعًا، يرغبان توكيل أحد الأشخاص عنهما توكيلًا عامًّا، ولما كتب بما لزم عن ذلك من المحكمة للمجلس الحسبي، وردت إفادته بأنه:
بعد تنازل الوصي المومى إليه عن الوصاية عليهما، قرر المجلس بجلسة 8 ديسمبر سنة 1895م بأن تسلم لهما إدارة أشغال دائرتهما مدة سنة من التاريخ المذكور على وجه الاختبار، بحيث تكون جميع إجراءاتهما نافذة معتبرة في ما لهما وعليهما المدة المذكورة، ومتى تحقق المجلس حسن تصرفهما حين ذاك ينظر في أمر ثبوت رشدهما وحسن تصرفهما؛ وحيث إن القاصرين المومئ إليهما ما زالا تحت الاختبار، والمجلس لم يقرر شيئًا نهائيًّا لعدم انتهاء مدة الاختبار، فهل في هذه الحالة يملكان القاصران المشار إليهما التوكيلَ الراغبين إجراءه منهما، أم كيف؟ فلزم تحريره، والأوراق طيه عدد 4، بأمل أنه بعد العلم بما فيها يكرم بالإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعي في ذلك، مع إعادة الأوراق المذكورة.
في "الخانية" -"فتاوى قاضيخان" (3/ 403)- ما نصه: [إن بلغ اليتيم سفيهًا غير رشيد؛ فقبل أن يحجر القاضي عليه لا يكون محجورًا في قول أبي يوسف حتى تنفذ تصرفاته، وعند محمد يكون محجورًا من غير حجر، وأبو يوسف جعل الحجر بسبب السفه كالحجر بسبب الدين، وذلك لا يكون إلا بقضاء القاضي، ومحمد جعل الحجر بسبب السفه كالحجر بسبب الصبا والجنون، وذلك يكون بغير قضاءٍ فيكون محجورًا إلا أن يؤذن له، وكذا لو بلغ الصغير مصلحًا فاتَّجر بماله، وأقر بديون، ووهب، وتصدق، وغير ذلك، ثم فسد وصار بحالٍ استحق الحجر؛ فما صنع من التصرفات قبل الفساد تكون نافذة، وما صنع بعد ما فسد تكون باطلة عند محمد، حتى إذا رفع إلى القاضي فإن القاضي يُمضي ما فعل قبل الفساد، ويُبطل ما صنع بعد الفساد؛ لأن عند محمد هذا العارض بمنزلة الجنون والصبا. والصبي والمجنون يكون محجورًا بغير حجر، وعلى قول أبي يوسف لا يبطل، وبالفساد لا يصير محجورًا ما لم يحجر عليه القاضي، حتى لو رفع ذلك إلى القاضي يحجر عليه، فيُمضي ما فعل قبل الحجر، وهو عنده بمنزلة الحجر بسبب الدين] اهـ.
فيؤخذ مما ذُكر: أنه على قول أبي يوسف تكون جميعُ تصرفات القاصرين المومئ إليهما بإفادة سماحتكم المسطورة يمينه من توكيلٍ وغيرِه جائزةً حيث لم يحصل حجرٌ عليهما. وطيه الأوراق عدد 4. أفندم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.