ما الحكم الشرعي في تجميد الأجنة الناتجة عن إخصاب البُيَيضة بالحيوان المنوي بالمعمل، واستعمالها في رحم الزوجة بعد مرور فترة من الزمن؟
المحتويات
تعتبر عملية تجميد الأجنة من جملة التطورات والطفرات العلمية الجديدة في مجال الإنجاب الصناعي، وهذه العملية يتم إجراؤها في معامل أطفال الأنابيب المتقدمة في حالات التلقيح الخارجي؛ حيث يوجد عدد فائض من البُيَيضات التي لا ينفع نقلُها إلى رحم صاحبتها بعد أن نقلت إليها إحداها مُخَصَّبة، فيُلجَأ إلى تجميد ذلك الزائد -مخصبًا أو غير مخصب- من أجل حفظه، مما يتيح للزوجين فيما بعد أن يكررا عملية الإخصاب عند الحاجة؛ وذلك كأن لا يحدث حمل في المرة الأولى مثلًا، أو كأن يقررا فيما بعد إنجاب طفل آخر، وذلك دون الاحتياج إلى إعادة عملية تحفيز المبيض لإنتاج بييضات أخرى.
وفكرة التجميد هذه تعتمد على حفظ الخلايا تحت درجات برودة منخفضة جدًّا بغمرها في النيتروجين السائل الذي تبلغ درجة برودته مائة وستًّا وتسعين درجة مئوية تحت الصفر، ويمكن أن تصل مدة الحفظ إلى عدة سنوات دون أن تتأثر البييضات المحفوظة.
والذي نراه: أن القيام بعملية التجميد المذكورة ليس فيه محظور شرعيٌّ؛ لأنه من مكمِّلات عملية طفل الأنابيب التي أجازتها المجامع الفقهية الإسلامية بين الزوج وزوجته بناءً على أنها من باب العلاج للإنجاب، والأصل في العلاج والتداوي المشروعية، وهذا مما لا خلاف فيه بين أئمة المسلمين، وإذا كان العلاج جائزًا فإن مكمِّلاته جائزة أيضًا؛ لأن الإذن في الشيء إذنٌ في مكمِّلات مقصودِهِ -كما يقول الإمام أبو الفتح ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام-، ويؤكد هذا الجواز هنا ما يحققه اللجوء للتجميد من تقليل للتكاليف المالية الباهظة التي تلزم لإجراء عملية الإخصاب عند تكرار أخذ البييضات من المرأة.
يجب أن يُلتَفَت إلى أن هذا الجواز مقيد ببعض الضوابط، وهي:
1- أن تتم عملية التخصيب بين زوجين، وأن يتم استدخال اللقيحة في المرأة أثناء قيام الزوجية بينها وبين صاحب الماء، ولا يجوز ذلك بعد انفصام عرى الزوجية بوفاة أو طلاق أو غيرهما.
2- أن تحفظ هذه اللقائح المخصبة بشكل آمن تمامًا تحت رقابة مشددة، بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمدًا أو سهوًا بغيرها من اللقائح المحفوظة.
3- ألا يتم وضع اللقيحة في رَحِمٍ أجنبيةٍ غير رحم صاحبة البييضة الملقحة لا تبرعًا ولا بمعاوضة.
4- ألا يكون لعملية تجميد الأجنة آثار جانبية سلبية على الجنين نتيجة تأثر اللقائح بالعوامل المختلفة التي قد تتعرض لها في حال الحفظ؛ كحدوث التشوهات الخِلقية، أو التأخر العقلي فيما بعد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.