ما حكم استخدام الخبز البلدي المدعم الصالح للاستخدام الآدمي في علف المواشي وأكل الطيور، خاصة وبعض الناس لا يجدونه لإطعام أنفسهم وأولادهم. فهل يحق لهم ذلك؟ لأني أرى كثيرًا من المواطنين يأخذونه بطرق ملتوية ليكون في النهاية طعامًا لمواشيهم وطيورهم.
خلق الله تعالى الإنسان وكرمه ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ﴾ [الإسراء: 70]، وسخر له الكون لأداء الوظيفة التي خلقه وشرفه بها وميزه بها على سائر خلقه، وهي العبادة والعمارة: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13]، ومن هذا الكون المسخر لابن آدم الأنعام والدواجن، قال تعالى: ﴿وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَا﴾ [النحل: 5]، فهذه المخلوقات هي في خدمة الإنسان وهو المخدوم، وإذا تعارضت حاجة الخادم مع حاجة المخدوم قدمت حاجة المخدوم، وهو الإنسان: ابن آدم المكرم المكلف.
ومن العجب أننا نرى بعض المواطنين يستأثرون بطعام إخوانهم المحتاجين ليعطوه لمواشيهم ودواجنهم وهم يعلمون مدى حاجة إخوانهم الماسة والشديدة لهذا الطعام، فلا هم احترموا إخوانهم ولا احترموا سنن الله تعالى في كونه التي أباحت ذبح هذه البهائم من أجل ابن آدم، فصار هذا البعض الجشع عمليًا وباستيلائه على قوت ابن آدم الفقير كأنه ذبح ابن آدم من أجل البهائم، وفي الواقع من أجل جشعه ومكسبه المادي.
ألا ينظر هؤلاء إلى فعل الأشعريين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يقل طعامهم وزادهم: روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِى الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِى إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ». فيحرم على هؤلاء ما يفعلونه من الاستيلاء على الخبز المدعم على الوصف المعروض في السؤال وحرمان المحتاجين له.
والله سبحانه وتعالى أعلم.