ما حكم حقن البوتكس (Botox) واستخدامه في أغراض التجميل والزينة؟
استخدام البوتكس في التداوي والعلاج -إن لم يلحق ضررًا بالمحَقُون- جائزٌ شرعًا، ولا حرج في استعماله من أجل تحسين الشكل والمظهر وإزالة التشوهات والأضرار النفسية والحسية الناتجة عن الأعمال الشاقة، أو التقدم في السن أو الأمراض المختلفة أو آثار الإعاقة ما دامت هذه التغييرات حاجية أو اقتضتها الأسباب العلاجية، والرجل كالمرأة في ذلك، شريطة ألا يتضمن ذلك تدليسًا؛ لأنه قد تقرر شرعًا أن تغيير الخِلْقَة بغرض التدليس والكذب والتغرير حرامٌ يأثم به فاعله. ويجوز للمرأة المتزوجة استخدامه في طلب الجمال والحسن إذا أذن لها زوجها وبعد مراجعة الطبيب المختص، بل هو مستحبٌّ في حقِّها ما دامت تبتغي من ذلك التجمل والتزين للزوج.
المحتويات
كلمة البوتكس Botox هي اختصار من كلمتي (البوتولاينم توكسن Botulinum Toxin)، ومعناهما: مادة بروتينية طبيعية سُمِّية تستخرج من بكتريا (كولوستريديوم بوتولينم Clostridium Botulinum)، وهي نوع من البكتيريا اللَّاهوائية موجبة الجرام، وهذه المادة تنكسر إلى سبعة أنواع هي: (G، F، E، D، C، B، A).
والحقنُ بمادة البوتكس يُحدث شللًا مؤقتًا لعضلات الشخص المَحْقُون بها بحيث يصبح العصب عاجزًا عن إصدار أمره للعضلة التابعة له بالتقلص، فتبقى العضلة مسترخية فترة تصل إلى ستة أشهر تقريبًا، ثم تعود للحركة مجددًا وقد تم إزالة خطوط التجاعيد منها، ولا يتداخل تأثيرها مع حقن التعبئة أو ما يسمى بالفيلر fillers التي تستخدم لملء وتعبئة الشفاه أو الخدود أو الأرداف لزيادة الحجم.
والصورة الغالبة على استعمالات هذه المادة أنها تدخل في علاج الصداع النصفي وبعض أمراض المثانة وآلام الظهر وعِرْق النسا، وتشنجات الحنجرة والعضلات، والحد من كثرة التعرق في الراحتين والأخمصين والإبطين، وكثرة إفراز اللعاب والشقوق الشرجية، كما أنها يكثر استخدامها في إجراء عمليات التجميل غير الجراحية كتغيير شكل الحاجبين، وتحسين وتنعيم الخطوط الحركية في الوجه، سواء خطوط العبس أو ما حول العينين أو خطوط الجبين، أو خطوط المدخنين حول الشفاه، كما أنها تدخل في بعض العمليات الجراحية كمكمل مثل: عمليات شد الوجه، والتقشير.. إلخ. ينظر: "Ghamriny's Clinical Dermatology مرجع الغمريني للأمراض الجلدية" للدكتور محمد سعيد الغمريني (ص: 1714)، و"دليل الجراحة التجميلية" لكلير بنسون، ترجمة هتاف عبد الله (ص: 129ط. دار الفراشة، لبنان)، و"فن التجميل" للدكتور أنور دندشلي (ص: 88، ط. شعاع للنشر والعلوم، سوريا).
من خلال هذا البيان لحقيقة حقن "البوتكس Botox" يظهر أن الأصل في استعماله -كدواء وعلاج على ضوء ما توصل إليه العلماء، وفي ظل المعارف والعلوم والمخترعات الحديثة في مجال الطب والعلاج- هو الجواز؛ لأن الأخذ بالعلاج والتداوي قد طلبه الشرع وندبه وحثَّ عليه؛ فَرَوى أبو داود والترمذي عن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عز وجل لم يَضَع داءً إلا وَضَعَ له دَواءً غيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرَمُ» و "الهَرَمُ": الكِبَر، وهذا الحديث جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة أن: "المطلق يجري على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده".
قال الإمام الخَطَّابي في "معالم السنن" (4/ 217، ط. المطبعة العلمية بحلب): [في هذا الحديث إثبات الطبِّ والعلاجِ، وأن التداويَ مباحٌ غير مكروهٍ] اهـ.
وقال الإمام عز الدين بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [إن الطبَّ كالشرع وُضِع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن دَرْءُهُ من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك] اهـ.
أما عن مجالاته العلاجية الشائعة فهي داخلة في أصل مطلوبية العلاج الذي سبق تقريره، ولا يُمنَع منها إلا ما كان ضرره راجحًا، بحيث تكون مفسدة استعمالهِ تفوق مفسدة تركه يقينًا أو بغلبة الظن، ومن القواعد الشرعية المقررة أنه "إذا تعارضت مفسدتانِ رُوعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفِّهما"، وأن "الضرر لا يُزال بالضرر المساوي أو الأشد". انظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 86-87، ط. دار الكتب العلمية).
كما أن بعضها يدخل ضمن صور الجراحة التجميلية ومعانيها، وإن كان الحقن بمادة البوتكس يؤثر دون تدخلٍ جراحيٍ؛ فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 173 (18/ 11) بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها أن: [جراحة التجميل هي تلك الجراحة التي تُعْنَى بتحسين (تعديل) (شكل) جزء أو أجزاء من الجسم البشري الظاهرة، أو إعادة وظيفته إذا طرأ عليها خلل مؤثر] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أنه: لا يجوز للشخص تغيير شيء في خلقته التي خلقه الله عليها بصورةٍ تنبئُ عن الاعتراض على قضائه وقدره؛ فهذا من فعل الشيطان، قال تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ [النساء: 119]، وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن علقمة قال: "لَعَنَ عَبْدُ اللهِ بن عمر رضى الله عنهما الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَمَا لِيَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَفِى كِتَابِ اللهِ. قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ. قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [سورة الحشر: 7]".
ولكن يُستَثْنَى مِن ذلك ما يكون لسببٍ علاجيٍّ؛ كإزالة العيوب الخِلقية، وإزالة ما يحصل به الضَّرر والأذى: سواءٌ أكان ضررًا ماديًّا؛ كالألم والإعاقة وإعادة وظائف أعضاء الجسم لحالتها المعهودة وإصلاح العيوب الخِلْقية والطارئة، أم معنويًّا؛ كإزالة ما يكون من دمامة قد تسبب للشخص أذًى نفسيًّا أو عضويًّا، والرجل كالمرأة في ذلك؛ فمن القواعد المقررة في الشرع الشريف أن "الضرر يزال"؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم وحسنه الإمام النووي.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 377-378، ط. دار المعرفة): [(قال الطبري: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادةٍ أو نقصٍ؛ التماسًا للحُسنِ لا للزوج ولا لغيره.. فكل ذلك داخل في النهي وهو من تغيير خلق الله تعالى). قال: (ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذيَّة.. فيجوز ذلك، والرجل في هذا الأخير كالمرأة)] اهـ.
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن مَسْرُوقٍ: "أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَتْ: أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم. فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِى تَقُولُ. قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ".
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/ 226، 229، ط. دار الحديث): [قوله: "إِلَّا مِنْ دَاءٍ" ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداءٍ وعلةٍ، فإنه ليس بمحرم] اهـ.
وكما حثَّ الشرعُ الشريفُ المسلمَ على تحسين الخُلُق لصاحبه والرفق به واحتمال أذاه، فكذلك حثَّ على تحسين الخَلْق بالتجمُّل والتزيُّن، ويدخل في ذلك إزالةُ التجاعيد والتشوهات وتحسين المظهر أو إزالة ما يؤذي العين ويُنفِّرها؛ فقد سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلم تنظيفَ بدنه وتجميلَه بإزالةِ جميع ما هو مظنَّة لأَذَى البدن وقد ينفر منه الآخرون؛ كتقليم الأظفار ونتف الإبط والاستحداد وغيرها؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».
وتتأكد مشروعيَّةُ إصلاح العيوب الخِلقية بالجراحات والإجراءات التجميلية لأجل تحسين الشكل والمنظر وإزالة التشوهات وعلاج الأضرار النفسية والحسيَّة بما رواه أبو داود في "سننه" عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ رضي الله عنه: "أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ».
ومن المعلوم أنَّ الشَّرع الشريف راعى حاجيات النساء في التجمُّل والزينة؛ فرخَّصَ للزوجة الكُحل والخِضاب وأخذ الزائد من شعر الحاجبين بالحفِّ أو الحَلق إذا كان خارجًا عن الحدِّ المألوفِ، أو مما يؤذِي العينَ أو مما يُنفِّر الزوج عن زوجته إذا لم تُهذِّبْه؛ لأنه ينبغي على المرأةِ أن تزيل ما في إزالته جمالٌ لها، فقد أجاز متأخِّرو الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في قولٍ: لها أن تفعل ذلك بإذن الزوج؛ لأنه من باب المعاشرة بالمعروف.
كما أجاز الفقهاء للمرأة أن تختار أنواعًا مخصوصة من الأكل أو التداوي؛ قصدًا إلى التجمُّل والحسن خاصة إذا كان للزوج؛ حيث نقل الإمام برهان الدين ابن مازة الحنفي في "المحيط البرهاني" (5/ 373، ط. دار الكتب العلمية) عن "فتاوى أهل سمرقند": [إن كانت تسمن نفسها لزوجها لا بأس به؛ لأن هذا فعل مباح لقصد المباح] اهـ.
وجاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 355-356، ط. دار الفكر): [وسئل أبو مطيع عن امرأة تأكل القبقبة وأشباه ذلك تلتمس السمن قال: لا بأس به ما لم تأكل فوق الشبع وإذا أكلت فوق الشبع لا يحل لها، كذا في الحاوي للفتاوي. والمرأة إذا كانت تسمن نفسها لزوجها لا بأس به ويكره للرجل ذلك، كذا في الظهيرية] اهـ.
وقال العلَّامَة داماد أفندي في "مجمع الأنهر" (2/ 555، ط. دار إحياء التراث العربي): [(و) تجوز (الحقنة للرجال والنساء)؛ للتداوي بالإجماع أو لأجل الهزال إذا فحش يفضي إلى السُّل] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 378، ط. دار المعرفة): [وقال الإمام النووي: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها، بل يستحب.
قلت: وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه، وإلا فمتى خلا عن ذلك مُنِعَ؛ للتدليس.
وقال بعض الحنابلة: إن كان النَّمص أشهر شعارًا للفواجر امتنع وإلا فيكون تنزيهًا، وفي روايةٍ: يجوز بإذن الزوج، إلا إن وقع به تدليس فَيَحرُم.
قالوا: ويجوز الحفُّ والتحميرُ والنقشُ والتطريفُ إذا كان بإذن الزوج؛ لأنه من الزينة؛ وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها وكانت شابة يعجبها الجمال، فقالت: "المرأةُ تُحفُّ جبينَها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت".
وقال النووي: يجوز التزين بما ذكر إلا الحف فإنه من جملة النَّماص] اهـ.
وقال العلَّامة الشَّوكاني في "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار" (6/ 229-230، ط. دار الحديث): [وعن عائشة قالت: كَانَتْ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ تَتَخَضَّبُ وَتَتَطَيَّبُ، فَتَرَكَتْهُ فَدَخَلَتْ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: أَمُشْهِدٌ أَمْ مُغِيبٌ؟ فَقَالَتْ: مُشْهِدٌ، قَالَتْ: عُثْمَانُ لَا يُرِيدُ الدُّنْيَا وَلَا يُرِيدُ النِّسَاءَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَقِيَ عُثْمَانَ فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ تُؤْمِنُ بِمَا نُؤْمِنُ بِهِ»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَأُسْوَةٌ مَا لَك بِنَا».. "أَمُشْهِدٌ أَمْ مُغِيبٌ" أي: أزوجُكِ شاهدٌ أم غائبٌ؟ والمراد: أن ترك الخضاب والطيب إن كان لأجل غيبة الزوج فذاك، وإن كان لأمرٍ آخر مع حضوره فما هو؟ فأخبرتها أن زوجها لا حاجة له بالنساء، فهي في حكم من لا زوج لها، واستنكار عائشة عليها ترك الخضاب والطيب يشعِر بأنَّ ذوات الأزواج يحسنُ منهنَّ التزيُّن للأزواج بذلك] اهـ.
هذا، وقد بيَّن الحالات المشروعة وغير المشروعة وضوابط ذلك مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره رقم 173 (18/ 11) المنبثق عن دورته الثامنة عشرة بماليزيا في الفترة من 24 إلى 29 جمادى الآخرة عام 1429هـ الموافق 9- 14 يوليو عام 2007م بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها؛ حيث جاء نصُّه كالتالي:
[(1) يجوز شرعًا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها:
(أ) إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها؛ لقوله سبحانه: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾[العلق: 4].
(ب) إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.
(ج) إصلاحُ العيوب الخِلقية مثل: الشفة المشقوقة -الأرنبية- واعوجاج الأنف الشديد والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أدَّى وجودها إلى أذىً ماديٍّ أو معنويٍّ مؤثِّر.
(د) إصلاحُ العيوب الطارئة -المكتسبة- من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليًّا حالة استئصاله، أو جزئيًّا إذا كان حجمه من الكِبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضيَّة، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة.
(هـ) إزالة دمامة تُسبب للشخص أذىً نفسيًّا أو عضويًّا. (قرار المجمع 26 (4/ 1)).
(2) لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي، ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعًا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهرٍ معينٍ أو بقصدِ التدليس وتضليل العدالة وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات.
(3) يجوز تقليل الوزن -التنحيف- بالوسائل العلميَّة المعتمدة ومنها الجراحة -شفط الدهون- إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية، ولم تكن هناك وسيلة غير الجراحة بشرط أمن الضرر.
(4) لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مَرَضِية شريطة أمن الضرر] اهـ.
على ذلك: فاستخدام البوتكس في التداوي والعلاج -إن لم يلحق ضررًا بالمحَقُون- جائزٌ شرعًا، ولا حرج في استعماله من أجل تحسين الشكل والمظهر وإزالة التشوهات والأضرار النفسية والحسية الناتجة عن الأعمال الشاقة، أو التقدم في السن أو الأمراض المختلفة أو آثار الإعاقة ما دام أن هذه التغييرات حاجية أو اقتضتها الأسباب العلاجية، والرجل كالمرأة في ذلك، شريطة ألا يتضمن ذلك تدليسًا كتضليل العدالة مثلًا؛ لأنه قد تقرر شرعًا أن تغيير الخِلْقَة بغرض التدليس والكذب والتغرير حرامٌ يأثم به فاعله.
ويجوز للمرأة المتزوجة استخدامه في طلب الجمال والحسن إذا أذن لها زوجها وبعد مراجعة الطبيب المختص، بل هو مستحبٌّ في حقِّها ما دامت تبتغي من ذلك التجمل والتزين للزوج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.