ما حكم صلاة الجنازة في الشوارع بالنعال؟ حيث يصلي أهل إحدى القرى صلاة الجنازة بالأحذية والنعال عند المقابر بشارع خارجها، بحجة أن يلحق بهذه الصلاة أكبر عدد من رواد المساجد بالقرية والقرى المجاورة، بالإضافة إلى المشيعين؛ علمًا بأن شوارع هذه القرية لا تخلو من بعض روث البهائم والحمير والقطط والكلاب أو مياه المجاري والطين في الشتاء، بالإضافة إلى أنهم فلاحون بعضهم يدخل إلى حظائر الحيوانات بتلك النعال، وكذلك إلى دورات المياه بالمساجد وغيرها من دورات المياه العمومية، ناهيك عن رائحة الجوارب (الشرابات)، والتي تجاوز رائحة البصل بمراحل كبيرة، بالإضافة إلى إمكان وجود بعض الروث بمكان الصلاة، ورغم ذلك يصر أهل القرية على أداء هذه الفريضة بالنعال، فما حكم شرعنا المقدس الطاهر في هذه الصلاة؟ وهل يجوز أداء باقي الصلوات بهذه الكيفية؟
لا مانع شرعًا من أداء صلاة الجنازة خارج المسجد؛ لأن الأرض لكل مُصَلٍّ مسجد؛ سواء أكان ذلك في الشوارع أم عند المقابر، فإذا صُلِّيَتْ في الشوارع أو على التراب جاز صلاتُها بالنعال؛ لأن الصلاة بالنعال حينئذٍ من الرخص التي أباحها الشرع تيسيرًا على العباد، ولأن ذلك أدعَى لكثرة المصلين التي هي من آكد مندوباتها، ولِمَا قد يكون في التكليف بخلع النعال من فوت للجنازة والمشقة على الناس، وليس على من يريد الصلاة في نعاله إلا النظر فيهما قبل الشروع فيها؛ فإن وجد بهما خبثًا مسحهما بالأرض وصلى.
المحتويات
الصلاة على الجنازة من فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء، وقد رغب الشرع الشريف فيها، وندب اتباع الجنازة حتى تدفن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّي، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ»، قيل: وما القيراطان؟ قال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» متفق عليه.
ويشترط لصحة صلاة الجنازة ما يشترط لصحة الصلوات المفروضة: من الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وطهارة البدن والثوب والمكان من النجاسات، وستر العورة، واستقبال القبلة، والنية.
قال العلامة الحدَّادِي الزَّبِيدِيّ الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 107، ط. المطبعة الخيرية): [ومن شرط صحة صلاة الجنازة: الطهارة، والستر، واستقبال القبلة، والقيام] اهـ.
قال العلامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 257، ط. دار الحديث) في ذكر شروط الصلاة على الجنازة: [واتفق الأكثر على أن من شرطها الطهارة، كما اتفق جميعهم على أن مِن شرطها القبلة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 222، ط. دار الفكر): [ومن شرط صحة صلاة الجنازة: الطهارة، وستر العورة؛ لأنها صلاة فشرط فيها الطهارة، وستر العورة كسائر الصلوات، ومن شرطها القيام، واستقبال القبلة؛ لأنها صلاة مفروضة، فوجب فيها القيام، واستقبال القبلة مع القدرة كسائر الفرائض] اهـ.
الصلاة في الشوارع جائزة شرعًا؛ فإن الأصل في الأرض أن الله تعالى جعلها للمسلمين مسجدًا وطهورًا، فيجوز لهم الصلاة في أي موضع أدركتهم فيه؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ» متفق عليه.
كما أن الصلاة بالنعلين إذا كانا خالَيَيْنِ مِن الخبث والنجس لا تتنافى مع طهارة المسلم وصحة صلاته؛ حيث إنها من الرخص التي شُرعت تيسيرًا على العباد، فإذا خالطت النعال للنجاسات ونظر المكلف فيها فلم يجد لتلك النجاسات أثرًا، جازت له الصلاة بها؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بأصحابه إِذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته، قال: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟»، قَالُوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا»، وقال: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» أخرجه الإمام أحمد، وأبو يعلى في "المسند"، والدرامي، أبو داود في "السنن" واللفظ له، والبيهقي في "السنن والآثار"، وصححه الحاكم في "المستدرك".
وأفرد الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا في مشروعية الصلاة في النعال، روى فيه عن سعيد بن يزيد الأزدي قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في نعليه؟ قال: "نعم".
قال الإمام القرافي المالكي (ت: 684هـ) في "الفروق" (4/ 105، ط. عالم الكتب): [النعال الغالب عليها مصادفة النجاسات، لا سيما نعلٌ مُشِيَ بها سَنَةً، وجلس بها في مواضع قضاء الحاجة سنة، ونحوها، فالغالب النجاسة، والنادر سلامتُها من النجاسة، ومع ذلك ألغى الشرع حكم الغالب، وأثبت حكم النادر؛ فجاءت السنة بالصلاة في النعال حتى قال بعضهم: إن قلع النعال في الصلاة بدعة، كل ذلك رحمة وتوسعة على العباد] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 494، ط. دار المعرفة): [قوله (يصلي في نعليه) قال ابن بطال: هو محمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة، ثم هي من الرخص، كما قال ابن دقيق العيد، لا من المستحبات؛ لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة] اهـ.
والترخص بالصلاة في النعلين إنما هو في غير المساجد المفروشة، كما كان الحال على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد كانوا يصلون على الرمال والحصى، وكان يشُقُّ عليهم خلع النعال؛ قال العلامة ابن مَازَه البرهاني الحنفي في "المحيط البرهاني" (5/ 616، ط. دار الكتب العلمية): [إن مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة كان مسقفًا من جريدة النخل حيطانه من الحجر، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا نزيد لك؟ فقال: «لَا، بل عَرِيش كعريش مُوسَى صَلَوَات الله عَليه»، وكان يكف إذا حل به المطر، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "رأيته يسجد في ماء وطين"] اهـ.
أما في عصرنا فقد فُرِشَت المساجد بالسّجّاد أو الحصير الذي يتسخ إذا ديس عليه بالنعال، فتسوء رائحته؛ لِمَا يعلق به من التراب والأوساخ والنجاسات التي تتنافى مع قدسية المساجد وتعظيمها، وذلك مما يتأذى به المصلون؛ فكان حرامًا.
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (3/ 129، ط. مكتبة الغرباء): [وقال بكر بن محمد: قلت لأبي عبد الله -يعني: الإمام أحمد بن حنبل-: ما ترى في الرجل يبزق في المسجد ثم يدلكه برجله؟ قال: هذا ليس هو في كل الحديث. قال: والمساجد قد طُرِحَ فيها بواري (أي: حُصْر) ليس كما كانت] اهـ.
ولم يكلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم مريد الصلاة في نعليه إلا بالنظر أسفلهما قبل الصلاة بهما، فإذا وجد فيهما شيئًا من الخبث مسحهما بالتراب وصلى فيهما؛ لأن الغالب أن ما أصابهما من خبث أثناء المسير في الطرقات يطهره ما بعده من تراب الأرض؛ ولأن القدم حافية قد تصادفها القاذورات أيضًا، ولم يكلف الشرع المصلي حافيًا بغسل قدميه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ» أخرجه الإمام أبو داود، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" (2/ 93، ط. المكتب الإسلامي): [ذهب بعض أهل العلم إلى ظاهر هذا الحديث، منهم النخعي، كان يمسح النعل أو الخف يكون به السرقين عند باب المسجد، فيصلي بالقوم، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور] اهـ.
وعن أُمِّ ولدٍ لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أنَّها سألت أُمَّ سلمة رضي الله عنها زوجَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إنِّي امرأة أُطيلُ ذَيلي، وأمشي في المكانِ القَذِر، فقالت أمُّ سلمة رضي الله عنها: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يُطَهّرُه ما بعدَه» رواه الأئمة: مالك في "الموطأ"، والشافعي وأحمد في "المسند"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وسُئِل عروة بن الزبير رضي الله عنهما عن الروث يصيب النعل، قال: «امْسَحْهُ وَصَلِّ فِيهِ» رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه".
وفي "المدونة" عن الإمام مالك رحمه الله تعالى (1/ 127، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن القاسم: كان مالك يقول دهره في الرجل يطأ بخفه على أرواث الدواب، ثم يأتي المسجد؛ أنه يغسله ولا يصلي فيه قبل أن يغسله، ثم كان آخر ما فارقناه عليه أن قال: أرجو أن يكون واسعًا، قال: وما كان الناس يتحفظون هذا التحفظ. وقال مالك فيمن وطئ بخفيه، أو بنعليه على دم، أو على عذرة، قال: لا يصلي فيه حتى يغسله، قال: وإذا وطئ على أرواث الدواب وأبوالها؟ قال: فهذا يدلكه ويصلي به، وهذا خفيف] اهـ.
وقال العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 50، ط. مكتبة الرشد): [واختلف العلماء في تطهير النعال والخفين من النجاسات، فقالت طائفة: إذا وطئ القذر الرطب؛ يجزئه أن يمسحه بالتراب، ويصلى فيه. هذا قول الأوزاعي وأبي ثور] اهـ.
وقال الإمام المازري المالكي في "شرح التلقين" (1/ 459، ط. دار الغرب الإسلامي): [من هذا الباب أيضًا ما سئل عنه الإمام مالك رضي الله عنه، فقيل له: الرجل يطأ على موضع قذر جاف وقد غسل رجليه؟ فقال: لا بأس بذلك؛ قد وسَّع اللهُ على هذه الأمة، وتلا قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا﴾ [البقرة: 286]، وقد اختلف في سبب توسعة مالك في هذا: فقال ابن اللباد؛ لأن الواطئ على موضع قذر يطأ بعده موضعًا طاهرًا يذهب عين النجاسة؛ فيكون تطهيرًا لها] اهـ.
وقال العلامة القرافي في "الفروق" (4/ 173): [الغالب مصادفة الحفاة النجاسة لا سيما في الطرقات ومواضع قضاء الحاجات، والنادر سلامتهم، ومع ذلك جوز الشرع صلاة الحافي من غير غسل رجليه كما جوز الصلاة بالنعل، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمشي حافيًا، ولا يعيب ذلك في صلاته؛ لأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بنعله، ومعلوم أن الحفاء أخف من تحمل النجاسة من النعل، فقدم الشارع حكم النادر على حكم الغالب توسعة على العباد] اهـ.
مما يجري على مقتضى الرخصة في الصلاة بالنعال: صلاة الجنازة التي تُصلَّى في الشوارع في كثير من القرى والبلدان؛ فإنها داخلة في الترخص بذلك؛ لأن الصلاة في الشوارع كحالها على الحصباء والتراب والرمل، بل هي أدخل في الرخصة؛ لِمَا قد يكون فيها من طين الشوارع، مع ما يلبسونه من جوارب تكون عرضة للاتساخ عند خلع الأحذية، فيشق خلعُها على الناس، وقد يترتب على منع الصلاة بها تقليلُ المصلين، مع أن الإكثار من المصلين فيها من آكد المندوبات، وليس على المصلين في نعالهم إلّا النظر أسفلها لإزاحة ما قد يكون علق بها من النجاسات التي لم يطهرها تراب المسير، وهذا قليل؛ إذ الأصل أن ما أصاب الثوب أو النعل من النجاسات أثناء المسير يطهره ما بعده من تراب الأرض كما سبق بيانه.
والترخيص للمصلين على الجنازة بالصلاة في نعالهم فيه إعانة لهم على إدراكها؛ فإن صلاة الجنازة من الصلوات التي لا تُقضَى؛ ولذلك أجاز بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم التيمم لصلاتها مع وجود الماء إذا خيف فوتها بالوضوء؛ وذلك حرصًا على أدائها.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا خفت أن تفوتك الجنازة، وأنت على غير وضوء؛ فتيمم وصل". رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وابن المنذر في "الأوسط"، وابن عدي في "الكامل".
وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما "أَنه أُتيَ بجنازة وهو على غير وضوء، فتيمم ثم صلى عليها" رواه ابن المنذر في "الأوسط"، والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار".
والقول بذلك مرويٌّ عن النخعي، والحسن، والزهري، والليث، وسعد بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، وسفيان، وإسحاق، وأصحاب الرأي، كما ذكر ابن المنذر في "الأوسط".
قال العلامة فخر الدين الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 42، ط. المطبعة الأميرية): [قال: (وخوف فوت صلاة جنازة) أي: يجوز التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة؛ لأنها تفوت لا إلى خلف، فصار الماء معدومًا بالنسبة إليها] اهـ.
قد تواردت النصوص من السنة النبوية أن كثرة المصلين على الميت شفاعة ومغفرة له؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَوْجَبَ»، قال: فكان مالك رضي الله عنه إِذَا اسْتَقَلَّ أَهْلَ الْجَنَازَةِ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ لِلْحَدِيثِ. أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وحسَّنه وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَكُونُوا مِائَةً، فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والترمذي في "سننه".
فإذا رغب المسلمون في أن تشمل الصلاة أكبر عدد من المصلين فصلوها في الطريق أو عند المقابر أو ضاق بهم المساجد فصلاها بعضهم في الشارع: فصلاتهم صحيحة، إذا لم يكن فيها ما يعيق الطريق، أو يؤذي المارة، أو يخل بالصلاة.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز أداء صلاة الجنازة خارج المسجد؛ لأن الأرض لكل مُصَلٍّ مسجد؛ سواء أكان ذلك في الشوارع أم عند المقابر، فإذا صُلِّيَتْ في الشوارع أو على التراب جاز صلاتُها بالنعال؛ لأن الصلاة بالنعال حينئذٍ من الرخص التي أباحها الشرع تيسيرًا على العباد، ولأن ذلك أدعَى لكثرة المصلين التي هي من آكد مندوباتها، ولِمَا قد يكون في التكليف بخلع النعال من فوت للجنازة والمشقة على الناس، وليس على مريد الصلاة في نعاله إلا النظر فيهما قبل الشروع فيها؛ فإن وجد بهما خبثًا مسحهما بالأرض وصلى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.