هل يجوز لرجل مسلم أن يكذب ويُدلي بمعلومات خاطئة عن راتبه وعن دخله الذي يتقاضاه من أجل التهرب من الضرائب التي فرضتها الدولة؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هذا الموضوع.
لا يجوز شرعًا للمسلم أن يكذب ويُدلِي بمعلومات خاطئة عن راتبه ودخله الحقيقي بغية التهرب من الضرائب؛ لأن الكذب من كبائر الذنوب، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» رواه مسلم، ولما في ذلك من إلحاق الضرر بالدولة وعجزها وتقصيرها في كل ما هي منوطة بالعمل به.
المحتويات
لقد حرَّم الإسلام الكذب وجعله من الكبائر المنهي عنها شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ [العنكبوت: 68]، ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» رواه مسلم والترمذي، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا» رواه أحمد.
ولا شك أن الكذب يؤدي إلى الخيانة وعدم الأمانة، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، والكذب من العادات السيئة المرذولة التي تودي بوقار الرجل ومروءته، فإذا ما تعود الرجل على الكذب فلا يصدق في قول أو فعل، والكذب من علامات المنافق الذي إذا حدَّث كذب كما أخبر بذلك الرسول الكريم في الحديث الشريف.
لا يجوز شرعًا للمسلم أن يكذب ويدلي بمعلومات خاطئة عن راتبه ودخله الحقيقي مهما كانت الأسباب والدوافع؛ حتى لا يَحْرِم الدولة من الحصول على حقها من دخل مواطنيها؛ لأن الضرائب التي تقوم الدولة بتحصيلها تُعدُّ مصدرًا من مصادر الدخل القومي الذي تقوم بإنفاقه على باقي أفراد الشعب ومنهم اليتامى والأيامى، والمحاربون والمجاهدون في سبيل الله، والدفاع عن الوطن وحمايته، وإنشاء البنية الأساسية: من صرفٍ صحي وماء للشرب، وتوصيل المرافق العامة، فإذا تهرَّب كلُّ فرد قادر عن دفع الضرائب الحقيقية التي قدرتها عليه الدولة؛ فإن ذلك يؤدي إلى ضعف الدولة وعجزها عن القيام بالمهام الملقاة على عاتقها.
على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجوز شرعًا للرجل أن يكذب ويدلي بمعلومات خاطئة عن راتبه ودخله الحقيقي بغية التهرب من الضرائب، لأن ذلك يُعَدُّ كبيرة من الكبائر المنهي عنها شرعًا، ولما في ذلك من إلحاق الضرر بالدولة وعجزها وتقصيرها في كل ما هي منوطة بالعمل به في سبيل إسعاد الشعب ورفاهيته، وقد نهى عن ذلك رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «لا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ» رواه ابن ماجه في "سننه". ومما ذكر يعلم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.