حكم القتل الخطأ في الحوادث المرورية وتعويض المتلفات

  • المفتى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
  • تاريخ الصدور: 01 يوليه 2007
  • رقم الفتوى: 471

السؤال

السؤال الأول: هناك أربعة أصناف من القتل الخطأ نتيجة حادث المرور وهو ما يسمى في علم الحوادث وتقسيمها حادث ودهس:
1- مَن يُلقي بنفسه أمام السيارة قاصدًا الانتحار ولا يستطيع قائد السيارة مفاداته؛ أي إنه يضع نفسه أمام قائد السيارة في نقطة عدم الهروب منه.
2- مَن يتسبب بخطئه هو في قتل نفسه ولا يستطيع قائد السيارة مفاداته؛ أي إنه يضع نفسه أمام قائد السيارة في نقطة عدم الهروب منه.
3- أن يكون خطأ قائد السيارة هو السبب في قتله.
4- أن يكون الخطأ بين القتيل وقائد السيارة مشتركًا.
نرجو إيضاح وجوب الدية في الحالات الأربع السابقة وعلى مَنْ تجب؟
السؤال الثاني: على مَنْ تجب الدية في حالة قائد السيارة المكلف شرعًا وفي حالة ما لو كان غير مكلف شرعًا؟
السؤال الثالث: ما هو نِصَاب الدية وكيفية جمعها ودفعها لأهل المقتول خطأً؟
السؤال الرابع: ما الذي يجب شرعًا في إتلاف المزروعات: نخيل، أشجار، زراعة؟
السؤال الخامس: ما الذي يجب شرعًا في إتلاف مال الغير بشقيه الحكومي -مثال ذلك إتلاف أعمدة الإنارة وتجهيزات الطرق المرورية ..إلخ- وشقه الشخصي؟ وما الذي يجب في حالة الخطأ المشترك بينهما؟
السؤال السادس: ما الذي يجب شرعًا عند إحداث إصابة للغير بشقيها، سواء أكانت هذه الإصابة ناتجة عن خطأ المصاب وعدم استطاعة قائد السيارة مفاداته علميًّا وعمليًّا، أم إذا كانت الإصابة ناتجة عن خطأ قائد السيارة، أو إذا كان الخطأ مشتركًا؟
السؤال السابع: لمن تُدفع الدية؟ وهل يجوز تقسيطها؟ وهل دية الطفل كدية الرجل؟ وما هي دية غير المسلم ومَنْ بيننا وبينه ميثاق؟
السؤال الثامن: ما هي دية المواشي؟
السؤال التاسع: وما دور التأمين في هذا؟ وهو ما يسمى التأمين ضد مخاطر الغير؛ التأمين الإجباري والتأمين الاختياري وهو التأمين الخاص.

الصورة الأولى التي يتعمد فيها القتيلُ الانتحارَ: ليست من القتل الخطأ، بل قد يكون من حق السائق المطالبة بتعويض معنوي ومادي.
وفي الصورة الثانية: قد يكون الخطأ محضًا من المقتول، ولا تكون هذه الحالة من القتل الخطأ، وقد يكون الخطأ مشتركًا بينهما، ولذلك لا بد من دراسة مثل هذه الحالات منفردة.
أما في الصورتين الثالثة والرابعة: فهما من القتل الخطأ.
والذي عليه العمل في الديار المصرية أن الدية تقوَّم بخمسة وثلاثين كيلوجرامًا وسبعمائة جرام من الفضة، وذلك بسعر السوق طبقًا ليوم ثبوت الحق رضاءً أو قضاءً، ثم تقسَّط على ما لا يقل عن ثلاث سنين، وتتحملها العاقلة -وهم العصبة من النسب- عن القاتل، فإن لم يمكن فالقاتل، فإن لم يستطع جاز أخذ الدية من غيرهم ولو من الزكاة. ودية غير المسلم مثل دية المسلم في ذلك على ما عليه السادة الحنفية، يستوي في ذلك من كان مواطنًا أو دخل بلادنا بعهد وأمان. ولا فرق في أحكام الدية بين ما إذا كان القاتلُ صغيرًا غير مكلف أم كبيرًا مكلفًا.
والدية حق لأهل القتيل؛ فلهم قبولها أو التنازل عنها أو التصالح على جزء منها. وما تدفعه شركات التأمين يعتبر جزءًا من الدية؛ فيُخصَم مما وجب دفعُه لأولياء المقتول. والدية يأخذها ورثة القتيل بأنصبائهم الشرعية المقررة للميراث.
أما ما يُتْلَف من ممتلكات عامة أو خاصة فهي تحت بند ضمان المتلفات؛ سواء أكان مُتْلِفها صغيرًا غير مكلف أم كبيرًا مكلفًا، والإتلاف المشترك يتحمل فيه كل مُتْلِفٍ بقدر ما أتلف، ومرجع ذلك لأهل التخصص والخبرة المحايدين.
وأما المواشي فليس لها دية، ولكنها من المتلَفات التي يجب تعويضها من مال المُتْلِف.
وتكييف الحوادث المرورية التي يترتب عليها وفيات بأنها قتل خطأ إنما يكون في شِقٍّ منها، وقد يظهر بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة ما يدل على تربص القاتل بالمقتول، أو تَعَمُّدٍ لإصابته بدرجةٍ ما؛ مما ينتج عنه اختلاف التكييف، وقد يكون مع القتل الخطأ أنواع من المخالفات، وفي مثل هذه الحالات يكون لأهل القتيل تعويضٌ ماديٌّ فوق الدية بما يناسب كل حالة، والمرجع في ذلك لتقدير القاضي.

المحتويات

 

 

حكم الدية في مَن يُلقي بنفسه أمام السيارة قاصدًا الانتحار ولا يستطيع قائد السيارة مفاداته

في الصورة الأولى وهي الحالات التي يتعمد فيها القتيل الانتحار ووضع نفسه في نقطة عدم الهروب من سائق السيارة فيموت، لا تُكيَّف هذه الحالات بأنها قتل خطأ، بل ولا يبعد أن يكون من حق سائق السيارة أن يطالب بتعويض من تَرِكة المنتحر جَرَّاء الهلع النفسي والضرر المعنوي البليغ الذي سبَّبَه له نتيجة هذا التصرف الأرْعَنِ غير المسؤول، فضلًا عن الأضرار المادية التي عساها أن تكون قد لحقت به أو بسيارته أو بالممتلكات العامة والخاصة.

حكم الدية في مَن يتسبب بخطئه هو في قتل نفسه ولا يستطيع قائد السيارة مفاداته

أما في الصورة الثانية فقد يكون الخطأ محضًا من المقتول، كأن يكون هو الذي أصاب بسيارته سيارة الآخر من الخلف بغير أي تقصير ولا تعدٍّ من الآخر، فحينئذٍ لا يكون هذا من باب القتل الخطأ، وقد يكون هناك خطأ مشترك بينهما؛ ولذلك لا بد من دراسة هذا الصنف كحالات منفردة لمعرفة مدى تسبب فعل قائد السيارة في القتل الخطأ، ولا يصح أن يكون لها حكم واحد عام.

حكم الدية لو كان خطأ قائد السيارة هو السبب في القتل أو كان الخطأ مشترك بينهما

أما في الصورتين الثالثة والرابعة فهاتان صورتان للقتل الخطأ في تكييف الشريعة المطهرة.

قدر الدية في الحوادث المرورية وتعويض المتلفات

الدية شرعًا هي المال الواجب في النفس أو فيما دونها، والأصل في وجوبها قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 92].
ولم يعيِّن اللهُ تعالى في كتابه قدر الدية، والذي في الآية هو إيجابها مطلقًا، وليس فيها إيجابها على العاقلة أو القاتل، وإنما ذلك كله من السنة المشرفة، وقد أجمع أهل العلم على وجوب الدية؛ فمن ذلك ما رواه النسائي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كتب كتابًا إلى أهل اليمن جاء فيه: «أَنَّ مَن اعتَبَطَ مُؤمِنًا قَتلًا عن بَيِّنةٍ فإنَّه قَوَدٌ إلا أَن يَرضى أَولِياءُ المَقتُولِ، وأَنَّ في النَّفسِ الدِّيةَ -مائةً مِن الإبِلِ-...» إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وأَنَّ الرَّجُلَ يُقتَلُ بالمَرأةِ، وعلى أَهلِ الذَّهَبِ ألفُ دِينارٍ».
وروى أبو داود وغيره عن عِكرِمةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "أَنَّ رَجُلًا مِن بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ فجَعَلَ النبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم دِيَتَه اثنَي عَشَرَ أَلفًا".
وروى أبو داود أيضًا من حديث عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عَن أَبِيه عن جَدِّهِ قال: "كانت قِيمةُ الدِّيةِ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ثَمانِمائة دِينارٍ أو ثَمانِيةَ آلافِ دِرهَمٍ.. قال: فكانَ ذلكَ كذلكَ حتى استُخلِفَ عُمَرُ رَحِمَه اللهُ، فقامَ خَطِيبًا فقال: أَلا إنَّ الإبِلَ قد غَلَت. قال: ففَرَضَها عُمَرُ على أَهلِ الذَّهَبِ أَلفَ دِينارٍ، وعلى أَهلِ الوَرِقِ اثنَي عَشَرَ أَلفًا، وعلى أَهلِ البَقَرِ مائَتَي بَقَرةٍ، وعلى أَهلِ الشَّاءِ أَلفَي شاةٍ، وعلى أَهلِ الحُلَلِ مِائَتَي حُلَّةٍ..".
قال ابن عبد البر: في هذا الحديث ما يدل على أن الدنانير والدراهم صنف من أصناف الدية لا على وجه البدل والقيمة. اهـ من "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي.
وأمَّا مَن يتحمَّل الدية عن القاتل القتل الخطأ فهم العاقلة؛ لما ثبت من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قضى بدية القتل الخطأ على العاقلة، وأجمع أهل العلم على القول به، فإن القاتل لو أُخِذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله؛ لأن تتابع الخطأ لا يُؤمَن، ولو تُرِك بغير تغريم لأُهدِر دم المقتول.
وعاقلة الرجل عصبته من النسب، فيُبدأ بفخذه الأدنى، فإن عجزوا ضُمَّ إليهم الأقرب فالأقرب المكلف الذكر الحر من عصبة النسب، ثم من بيت المال.
والحكم في الدية أن تقسَّط على العاقلة على ثلاث سنين على ما قضاه عمر وعلي رضي الله عنهما، وإنما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعطيها دفعة واحدة لأغراض: منها أنه كان يعطيها صلحًا وتسديدًا، ومنها أنه كان يعجلها تأليفًا، فلما تمهَّد الإسلام قَدَّرَتها الصحابة على هذا النظام؛ قاله ابن العربي.
وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء قديمًا وحديثًا على أن الدية على العاقلة لا تكون إلا في ثلاث سنين ولا تكون في أقل منها، وأجمعوا على أنها على البالغين من الرجال، وأجمع أهل السِّيَر والعلم أن الدية كانت في الجاهلية تحملها العاقلة، فأقرَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الإسلام، وكانوا يتعاقلون بالنصرة، ثم جاء الإسلام فجرى الأمر على ذلك حتى جعل عمر الديوان، واتفق الفقهاء على رواية ذلك والقول به، وأجمعوا أنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا زمن أبي بكر ديوان، وأن عمر جعل الديوان وجمع بين الناس، وجعل أهل كل ناحية يدًا، وجعل عليهم قتال من يليهم من العدو. اهـ من "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي.
ولما كان هذا النظام غير متهيئ على كل الأحوال في عصرنا هذا، فإنا نرى الأخذ بقيمةِ أقل صنف من أصناف الدية، ولأن الأصل براءة الذمة مما زاد على ذلك، وذلك متحقِّقٌ في الفضة، فتكون الدية اثني عشر ألف درهم، والدرهم عند الجمهور جرامان وتسعمائة وخمسة وسبعون من الألف من الجرام تقريبًا، فيكون جملة ما هنالك خمسة وثلاثين كيلوجرامًا وسبعمائة جرام من الفضة، تقوَّم هذه الكمية بسعر السوق طبقًا ليوم ثبوت الحق رضاءً أو قضاءً، ثم تقسَّط على ما لا يقل عن ثلاث سنين، وتتحملها العاقلة عن القاتل، فإن لم يمكن فالقاتل، فإن لم يستطع جاز أخذ الدية من غيرهم ولو من الزكاة.
والتصالح في أمر الدية بالعفو أو بقبول قيمة أقل أمر مشروع بنص القرآن الكريم؛ حيث يقول تعالى: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: 92]، ويقول: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: 178]، وقد فوَّضَ الشارع الحكيم لأهل القتيل التنازل عن الدية أو عن بعضها تخفيفًا عن القاتل إن لم يتيسَّرْ دفعها أصلًا أو دفعها كلها، وقبول الدية جائز شرعًا؛ لأنها حق لأهل القتيل، فلهم قبولها أو التنازل عنها أو التصالح على جزء منها.
وأما الكفارة الواردة في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: 92]، فالجمهور على أن المراد: فمن لم يجد عتق رقبة صام شهرين متتابعين، فيكون الصيام غير مُسقِط للدية بحال، قال الضحاك: الصيام لمن لا يجد رقبة، وأما الدية فواجبة لا يبطلها شيء، هذا قول الجمهور.
وذهب مسروق والشعبي إلى أن صيام الشهرين يجزئ عن الدية والرقبة معًا لمن لم يجد. رواه الطبراني عن الشعبي عن مسروق بسند صحيح.
وهذا القول الثاني رده الطبري وغيره بأن الدية إنما هي على العاقلة لا على القاتل، والكفارة على القاتل لا على العاقلة، فكيف يجزئ هذا عن هذا.
والذي نراه أن هذا المذهب يُتصور فيمن لا عاقلة له تدفع عنه الدية، ولا مال له يفي بها ولا يجد أحدًا يعطيه من الزكاة ليؤديها، فحينئذٍ يكون صوم الشهرين مجزئًا عن الدية والرقبة معًا، والله تعالى يقول: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
ودية غير المسلم ذكرًا أو أنثى كدية المسلم في ذلك، على ما عليه السادة الحنفية، يستوي في ذلك من كان مواطنًا أو من دخل بلادنا بعهد وأمان.
ولما تبين أن دية القتل الخطأ إنما تكون على العاقلة لا على القاتل، فإنه يتضح أنه لا عبرة في ذلك بعمر القاتل خطأً: هل كان صغيرًا غير مكلف أم كبيرًا مكلفًا؟ لأن الذي يغرم الدية لأهل القتيل هو عاقلة القاتل، لا هو.
وما تدفعه شركات التأمين سواء أكان التأمين إجباريًّا أم اختياريًّا يكون جزءًا من الدية الواجبة على العاقلة؛ فيُخصَم مما وجب عليهم دفعُه لأولياء المقتول.
والدية يأخذها ورثة القتيل بأنصبائهم الشرعية المقررة للميراث، وأما ما يفسد ويتلف من ممتلكات عامة أو خاصة فهي تحت بند ضمان المتلفات؛ سواء أكان مُتْلِفها صغيرًا غير مكلف أم كبيرًا مكلفًا، والإتلاف المشترك يتحمَّل فيه كل مُتْلِفٍ -لا عاقلته- بقدر ما أتلف، ومرجع ذلك لأهل التخصص والخبرة المحايدين.
أما المواشي فليس لها دية، ولكنها تكون من المتلفات التي يجب تعويضها من مال المُتْلِف.
وتكييف الحوادث المرورية التي يترتب عليها وفيات بأنها قتل خطأ إنما يكون في شِقٍّ منها، وقد يظهر من التحقيقات والتحريات وشهادة الشهود وقرائن الأحوال ما يدلُّ على ما هو فوق ذلك مِن حالات يكون فيها تربص من القاتل بالمقتول، أو تعمد لإصابته بدرجة ما: ففي الحالة الأولى يكون القتل قتل عمد وعدوان، وفي الحالة الثانية قد يكون قتل عمد أو شبه عمد بحسب درجات الإصابة وطريقتها، وقد يكون مع القتل الخطأ أنواع من الخطأ الجسيم نتيجة لمخالفات مرورية فاضحة؛ كتجاوز السرعة أو السير في الممنوع أو عدم استيفاء السيارة لضوابط السلامة، أو القيادة في حالات السُّكْرِ البيِّن، أو غياب العقل بمخدِّر، أو حالات التدرب على القيادة للمبتدئين في الطرق العامة، أو قيادة الأحداث للسيارات وما شابه ذلك، وفي مثل هذه الحالات يكون لأهل القتيل تعويض مادي فوق الدية بما يناسب كل حالة، يكون المرجع في قيمته لتقدير القاضي وفق المعايير والسوابق وملابسات كل حالة، والضرر الواقع على أهل القتيل وغير ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

فتاوى ذات صلة