هل يجوز انتفاع الدائن بالأرض المرهونة في مقابل مبلغٍ اقترضَه منه صاحبُ الأرض إلى أن يتم السداد؟ وهل رفض مالك الأرض المدين تسديد الدين في ميعاده يُعَدُّ مبررًا للدائن المرتهن في استغلال الأرض لحين السداد؟
لا يجوز للمُرتَهِن استخدام العين المرهونة إلا إذا دفع قيمة المنفعة التي يحصِّلها، وإلا عُدَّ هذا من أكل أموال الناس بالباطل، وكان من باب الدَّين الذي يَجُرُّ نَفعًا وهو رِبًا.
وإذا تأخر المدين في سداد الدَّيْنِ، فليس للمرتهن إلا أن يبيع مِن الأرض ما يستوفي به الدَّيْنَ، أو يُمهله إلى وقت اليسر، أو يتصدق عليه بإسقاط الدَّيْنِ.
الرهن مشروع بالكتاب والسنة؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: 283]، وقد مات النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ودِرعُه مَرهُونةٌ عندَ يَهُودِيٍّ بثَلاثِينَ صاعًا مِن شَعِيرٍ. أخرجه الشيخان وأحمد عن عائشة، وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وأحمد عن ابن عباس، وأخرجه ابن ماجه وأحمد عن أسماء بنت يزيد رضي الله تعالى عنهم جميعًا.
وأما عن جواز استخدام المرتَهِن للعين المرهونة فإنه لا يجوز إلا إذا دفع قيمة المنفعة التي حَصَّلَها، وإلا كانت أكلًا لأموال الناس بالباطل، وقد نهى الله تعالى عن ذلك في قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا • وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29 - 30].
ولأن هذا يكون من باب الدَّين الذي يَجُرُّ نَفعًا وهو رِبًا.
وتأخر المدين في سداد الدين في ميعاده لا يُعَدُّ مبرِّرًا للدائن لاستغلال الأرض لحين السداد.
وعليه: فإنه يجوز رهن الأرض، وإذا قام المرتهن بزراعتها فعليه دفع إيجار الأرض الفعلي لصاحبها حسب الأسعار السائدة في محيط الناحية التي تقع بها الأرض أو إسقاط قيمة الإيجار من الدَّين الذي على الراهن. وإذا تأخر المدين في سداد الدين فليس للمرتهن إلا أن يبيع مِن الأرض ما يستوفي به الدَّين، وإما -وهو أحسن- أن يُمهله إلى وقت اليسر: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 280]، وإما -وهو أفضل مِن سابِقَيه- أن يتصدق عليه بإسقاط الدين: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: 280].
والله سبحانه وتعالى أعلم.